إذا كان العرف في بعض البلاد ـ كإنجلترا مثلا أو غيرها ـ قد استقر على أن الرجل يلبس حلقا في إحدى أذنيه ، وأن هذا من تمام الرجولة عندهم ، ولا يقصد به شذوذا جنسيا، وأن المرأة لا تفعل ذلك ؛ فلا يكون الرجل بذلك متشبها بالنساء ، وتكون هذه الفتوى خاصة بهذا المكان دون غيره، لأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان، أما إذا كان لبس الرجل للحلق يقصد به الشذوذ أو التشبه بالنساء ، أو إظهار التجبر واستعراض القوة والفتوة على خلق الله فهذا منهي عنه، ولا يجوز للمسلم بحال.

يقول الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عاشور ، الأستاذ بجامعة الأزهر :

إن الإسلام لا يتدخل في أزياء الشعوب ولا فيما يتزينون به إلا في حدود ما ورد من توجيهات في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فاشترط في الملابس أن تستر العورة دون تحديد ولا شفافية في هذه الملابس ، وعورة الرجل معروفة ـ من السرة إلى الركبة ـ ، وعورة المرأة معروفة ـ جميع بدنها عدا الوجه والكفين ، وقيل القدم أيضا ـ ، وما بعد ذلك يخضع للتقاليد والعرف ، فيقال بأن هذا الملبس خاص في هذه البلدة بالرجال ، وهذا خاص بالنساء ، ويقال في بلدة أخرى غير ذلك.

وهكذا في الزينة : يتزين الناس بما يشاءون ، بشرط ألا يتزين الرجال بالذهب ولا بالحرير ، وما عدا ذلك من ألوان الزينة في الملبس وفي المظهر فهو أمر يخضع لتقاليد كل شعب ، وما جرى عليه العرف في ذلك .

والإسلام انتهج هذا المنهج لأنه دين عالمي ، لم يأت لشعب دون غيره من الشعوب ، ولا لفترة زمنية محدودة ، وإنما أتى دينا شاملا عاما باقيا إلى يوم القيامة .

وعلى هذا الأساس يمكن أن نفهم حقيقة التشبه بالنساء والعكس ، فننظر :

هل ما يلبسه أحد الجنسين هو من خصائص الجنس الآخر ؟

وهل ما يتزين به أحدهما من خصائص الجنس الآخر ؟

إن كان الأمر كذلك فهو تشبه بالجنس الآخر وصاحبه ملعون ، كما جاء في الحديث الصحيح : ( لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال ).

فإذا كان من عادة بلد من البلاد ـ كما نرى في إنجلترا مثلا ـ أن يلبس الرجل حلقا في أذن واحدة؛ وأن تلبس المرأة الحلق في كلتا الأذنين أو لا تلبس حلقا مطلقا ، وأن لبس الحلق في أحد الأذنين من علامات الرجولة ، وأن من فعل غير ذلك فقد تخطى ما جرى عليه عرف أمته وشعبه ، إن كان الأمر كذلك فلا بأس بلبس الرجل حلقا في إحدى أذنيه ، ويكون ذلك مباحا للرجال ومحظورا على النساء ، ومن فعل ذلك من الرجال فليس متشبها بالجنس الآخر ؛ ولا يقع عليه ما جاء في الحديث المذكور من لعن.
ولعل هذه المسألة قد وضحت بهذا ، والله الهادي إلى سواء السبيل .(انتهى).

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية :
وهيئة اللباس قد تختلف باختلاف عادة كل بلد , فقد لا يفترق زي نسائهم عن زي رجالهم لكن تمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار .

قال الإسنوي ـ شافعي ـ: إن العبرة في لباس وزي كل من النوعين – حتى يحرم التشبه به فيه – بعرف كل ناحية .