من فاتته صلاة العيد مع الجماعة فيستحب له أن يقضيها متى شاء في باقي اليوم وفي الغد وما بعده، واختلف الفقهاء في كيفية القضاء، فقيل إنها تقضى أربعا بسلام واحد أو بسلامين، والراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء وهو أن صلاة العيد تقضى على صفتها فتصلى ركعتين بسبع تكبيرات في الركعة الأولى وخمس في الركعة الثانية ويجوز قضاؤها فرادى أو في جماعة.
يقول فضيلة الدكتور حسام عفانة – أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين -:
يشرع لمن فاتته صلاة العيد مع الإمام أن يقضيها على صفتها أي أنه يصلي ركعتين ويكبر التكبيرات الزوائد ، سبع في الركعة الأولى وخمس في الركعة الثانية لأن هذا أصح ما ورد في عدد التكبيرات الزوائد . ومن فاتته صلاة العيد يصليها بدون خطبة لأن الخطبة مشروعة مع الجماعة.
قال الإمام البخاري في صحيحه :[ باب إذا فاتته صلاة العيد يصلي ركعتين ، وكذلك النساء ومن كان في البيوت والقرى لقول النبي ﷺ : هذا عيدنا أهل الإسلام وأمر أنس بن مالك مولاه ابن أبي عتبة بالزاوية فجمع أهله وبنيه وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم . وقال عكرمة : أهل السواد يجتمعون في العيد يصلون ركعتين كما يصنع الإمام . وقال عطاء : إذا فاته العيد صلى ركعتين].
وذكر الحافظ ابن حجر أن أثر أنس المذكور قد وصله ابن أبي شيبة في المصنف وقوله الزاوية اسم موضع بالقرب من البصرة كان به لأنس قصر وأرض وكان يقيم هناك كثيراً . وقول عكرمة وعطاء وصلهما ابن أبي شيبة أيضاً ] صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 3/127-128 .
وروى البيهقي بإسناده عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك خادم رسول الله ﷺ قال :[ كان أنس إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام ، جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد ]. ثم قال البيهقي :[ ويذكر عن أنس بن مالك أنه كان بمنزله بالزاوية فلم يشهد العيد بالبصرة جمع مواليه وولده ثم يأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة فيصلي بهم كصلاة أهل المصر ركعتين ويكبر بهم كتكبيرهم].
وذكر البيهقي أن عكرمة قال :[ أهل السواد – أهل الريف – يجتمعون في العيد يصلون ركعتين كما يصنع الإمام.
وعن محمد بن سيرين قال : كانوا يستحبون إذا فات الرجل الصلاة في العيدين أن يمضي إلى الجبان فيصنع كما يصنع الإمام . وعن عطاء إذا فاته العيد صلى ركعتين ليس فيهما تكبيرة ] سنن البيهقي 3/305 .
وروى عبد الرزاق بإسناده عن قتادة قال :[ من فاتته صلاة يوم الفطر صلى كما يصلي الإمام . قال معمر : إن فاتـت إنساناً الخطبة أو الصلاة يوم فطر أو أضحى ثم حضر بعد ذلك فإنه يصلي ركعتين ] مصنف عبد الرزاق 3/300-301 . وروى ابن أبي شيبة أيضاً بإسناده عن الحسن البصري قال :[ فيمن فاته العيد يصلي مثل صلاة الإمام. وروى أيضاً عن إبراهيم النخعي قال : إذا فاتتك الصلاة مع الإمام فصل مثل صلاته ]. قال إبراهيم :[ وإذا استقبل الناس راجعين فلتدخل أدنى مسجد ثم فلتصل صلاة الإمام ومن لا يخرج إلى العيد فليصل مثل صلاة الإمام ]. وروى عن حماد في من لم يدرك الصلاة يوم العيد قال :[ يصلي مثل صلاته ويكبر مثل تكبيره ] مصنف ابن أبي شيبة 2/183-184 .
وبمقتضى هذه الآثار قال جمهور أهل العلم أن من فاتته صلاة العيد صلى ركعتين كما صلى الإمام مع التكبيرات الزوائد . ومن العلماء من قال : يصليها أربعاً واحتج بأثر وارد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : من فاته العيد فليصل أربعاً ] ولكنه منقطع كما قال الشيخ الألباني في إرواء الغليل 3/121 .
ومن العلماء من خيره بين صلاة ركعتين أو أربع ركعات.
وأولى الأقوال هو القول الأول وهو أنه يقضيها ركعتين كأصلها ، ولا يصح قياسها على الجمعة فمن فاتته الجمعة صلى أربعاً أي الظهر لأن الجمعة إنما تفوت إلى بدل وهو الظهر.
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير ، نقل ذلك عن أحمد إسماعيل بن سعد واختاره الجوزجاني وهذا قول النخعي ومالك والشافعي وأبي ثور وابن المنذر لما روي عن أنس : أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما ولأنه قضاء صلاة فكان على صفتها كسائر الصلوات وهو مخير إن شاء صلاها وحده وإن شاء في جماعة . قيل لأبي عبد الله : أين يصلي ؟ قال : إن شاء مضى إلى المصلى وإن شاء حيث شاء ] المغني 2/290.
ونقل القرافي أن مذهب الإمام مالك كما في المدونة أنه يستحب لمن فاتته صلاة العيد مع الإمام أن يصليها على هيئتها . الذخيرة 2/423 .
وقال الإمام الشافعي: [ونحن نقول: إذا صلاها أحد صلاها كما يفعل الإمام يكبر في الأولى سبعاً وفي الآخرة خمساً قبل القراءة ] معرفة السنن والآثار 5/103.
وذكر المرداوي الحنبلي أن المذهب عند الحنابلة هو أنها تقضى على صفتها . الإنصاف 2/433 .
واختارت هذا القول اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية برئاسة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – فقد جاء في فتواها: [ومن فاتته وأحب قضاءها استحب له ذلك فيصليها على صفتها من دون خطبة بعدها وبهذا قال الإمام مالك والشافعي وأحمد والنخعي وغيرهم من أهل العلم والأصل في ذلك قوله ﷺ : ( إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ) وما روي عن أنس رضي الله عنه أنه كان إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلي بهم ركعتين يكبر فيهما . ولمن حضر يوم العيد والإمام يخطب أن يسـتمع الخطبة ثم يقضي الصلاة بعد ذلك حتى يجمع بين المصلحتين ] فتاوى اللجنة الدائمة 8/306 . وخلاصة الأمر أن من فاتته صلاة العيد فإنه يقضيها كما صلاها الإمام أي مع التكبيرات الزوائد .