هذا جهل وزيف. جهل بالدين ، وجهل بالطب، فهذه العادات من آثار الجاهلية ،ومن الخرافات التي لا تزال بقيتها في عقول عوام الناس.
وكيف يقبل عاقل أن يتحكم فيه الجهلة ، ويوجهوا تفكيره ، ويرغموه على أشياء يعلم بطلانها ، ومناقضتها للعقل والدين ، فكم من النساء يدخل عليهن من بها حيض أو نفاس أو حمل، أو معها ولدها وهي تتهيأ لفصاله ، ولم يحدث لهن شيء ، فيجب على الزوج يعلم زوجته أن ترفض أن يشكل ثقافتها أهل الجهل والخرافات .
يقول الدكتور القرضاوي في التمائم وما يلحق بها :-
لقد جاءت الأحاديث تحذر المسلمين من مثل هذه الأمور وتنهى أن يعتمدوا في علاجهم وتداويهم على مثل هذه التمائم ؛ قد سماها الإسلام تمائم، وهي أشياء كانوا يعلقونها على الأولاد ونحو ذلك لتدفع الجن أو تدفع العين أو ما أشبه ذلك فقال النبي – ﷺ -: ” إن الرقى والتمائم والتولة شرك” (التولة: بوزن عنبة لون من السحر تلجأ إليه المرأة تتحبب به إلى زوجها فيما تزعم .. رواه أحمد وأبو داود والبيهقي والحاكم وصححه وأقره الذهبي) والرقى جمع رقية وهي أن يرقي الشخص ويعزم عليه بكلام لا يفهم … فهذه الرقى ممنوعة … إلا ما كان منها مأثورًا عن النبي – ﷺ – مثل: ” اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف وأنت الشافي، إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا . (رواه أحمد والبخاري عن أنس).
وقد قال العلماء: إن الرقي جائزة بثلاثة شروط:.
أولاً: أن تكون بذكر الله تعالى وبأسمائه.
ثانيًا: أن تكون باللسان العربي وما يفهم معناه.
ثالثًا: أن يعتقد أنها لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى.
والتمائم التي كانوا يعلقونها ولا زال كثير من الناس يعلقونها ويسميها البعض الحرز أو الحجاب أو ما شابه ذلك … كل هذه نهى عنها الإسلام، وقد جاء رهط من عشرة أشخاص يبايعون النبي – ﷺ – فبايع تسعة منهم وأمسك عن واحد، فلما سئل في ذلك قال: إن في عضده تميمة . فأدخل الرجل يده فقطعها فبايعه رسول الله – ﷺ – وقال: ” من علق تميمة فقد أشرك ” (رواه أحمد والحاكم وأبو يعلى بإسناد جيد) . أي علقها وتعلق بها قلبه … وروى الإمام أحمد عن عمران بن حصين أن النبي ﷺ أبصر في عضد رجل حلقة من صفر . فقال: ما هذه ؟ – منكرًا عليه – قال: ألبسها من الواهنة … (من مرض أصابه في منكبه) فقال: ” أما إنها لا تزيدك إلا وهنًا، انبذها عنك ؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا “.
ومن هنا كان الصحابة والتابعون ينكرون هذه التمائم أشد الإنكار حتى إن حذيفة رأى رجلاً معلقًا خيطًا من هذا النوع عليه، فقرأ قول الله تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) (سورة يوسف: 106) وعن سعيد بن جبير قال: ” من قطع تميمة من عنق إنسان كان كعدل رقبة ” أي كأنه أعتق رقبة .
وعن إبراهيم النخعي – من كبار التابعين – قال: ” كانوا يكرهون التمائم كلها، من القرآن ومن غير القرآن ” حتى التمائم من القرآن … أي إذا علّق آية من القرآن ونحو ذلك … بعض الناس رخص فيها وآخرون منعوها، وهو الراجح:
التمائم كلها لا تجوز ؛ لأدلة معتبرة :.
أولاً: لأن الأحاديث التي جاءت بالنهي جاءت عامة … لم تفرق بين نوع من التمائم وآخر . وحينما أنكر النبي – ﷺ – على الرجل التميمة التي يلبسها لم يقل له: هل فيها قرآن أولا ؟ وإنما أنكر التميمة من حيث هي.
ثانيًا: سدًا للذريعة: فإن من يعلّق القرآن يعلّق غيره، والذي يراه لا يعرف إن كان هذا قرآنًا أو غير قرآن.
ثالثًا: إن هذا يعرض القرآن للامتهان والابتذال … فهو سيدخل بها الأماكن النجسة ويقضي حاجته ويستنجي وقد تصيب الإنسان جنابة، أو المرأة الحيض، وهو لابس هذا الشيء الذي فيه آيات القرآن.
لهذا كان الصحيح أن التمائم كلها ممنوعة، وقد قال – ﷺ – داعيًا على أصحاب هذه التمائم: ” من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له ” أي لا ترك الله له، ولا تركه يعيش في دعة.
فهذه هي تعاليم الإسلام .
، وقد قال – ﷺ -: ” تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء..” (رواه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم وقال الترمذي: حسن صحيح) .
وجاء في صحيح البخاري عنه عليه الصلاة والسلام: ” إنما الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، أو شرطة محجم، أو كي بنار ” فلم يجعل الشفاء في التمائم ولا في القراءة ولا في نحو ذلك، وإنما جعلها في الأمور الطبيعية وهي جوامع الطب، ما يتناول عن طريق الفم، ومثله الآن الإبر ونحوها، وشرطة المحجم: العمليات الجراحية، والكي، ومثله الآن الجلسات الكهربائية، فكل هذا من الطب الذي جاء به الإسلام، والذي شرعه الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد تداوى عليه الصلاة والسلام واحتجم وجيء له بالطبيب، وأمر أصحابه وأمته بالتداوي، فالأولى بنا أن نتبع سنة رسول الله – ﷺ – وأن نعرض عن مثل هذه الأساليب، فإنها كما قال الأخ ” عيش المحتالين .