الغسل لعيد الفطر أو الأضحى سنة مؤكدة، واختلف الفقهاء في جواز غسل العيد قبل الفجر، والراجح أن غسل العيد يجوز قبل الفجر نظرا لضيق الوقت، بخلاف غسل الجمعة، فلا يجوز قبل الفجر؛ لأن وقت صلاة الجمعة فيه متسع، والغسل للعيد سنة في حق الجميع الكبير والصغير، والرجل والمرأة على السواء بخلاف غسل الجمعة، فإنه سنة في حق من يخرج للجمعة فقط.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
يستحب أن يتطهر بالغسل للعيد ، وكان ابن عمر يغتسل يوم الفطر ، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال علقمة ، وعروة ، وعطاء ، والنخعي ، والشعبي ، وقتادة ، وأبو الزناد ، ومالك ، والشافعي ، وابن المنذر لما روى ابن عباس (أن رسول الله ﷺ كان يغتسل يوم الفطر والأضحى).
وروي أيضا ( أن النبي ﷺ قال في جمعة من الجمع : إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين ، فاغتسلوا ، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه ، وعليكم بالسواك . ) رواه ابن ماجه . فعلى هذه الأشياء تكون الجمعة عيدا . ولأنه يوم يجتمع الناس فيه للصلاة ، فاستحب الغسل فيه ، كيوم الجمعة ، وإن اقتصر على الوضوء أجزأه ; لأنه إذا لم يجب الغسل للجمعة مع الأمر به فيها فغيرها أولى.
ويستحب أن يتنظف، ويلبس أحسن ما يجد، ويتطيب ويتسوك.
وقال عبد الله بن عمر: (وجد عمر حلة من إستبرق في السوق ، فأخذها فأتى بها النبي ﷺ فقال : يا رسول الله ، ابتع هذه تتجمل بها في العيدين والوفد . فقال النبي ﷺ إنما هذه لباس من لا خلاق لهم) متفق عليه.
وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهورا . وروى ابن عبد البر ، بإسناده عن جابر (أن رسول الله ﷺ كان يقيم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة) بإسناده عن ابن عباس ، قال: (كان رسول الله ﷺ يلبس في العيدين برد حبرة). وبإسناده عن عائشة ، قالت : قال رسول الله ﷺ: (ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده).
وقال مالك : سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد ، والإمام بذلك أحق ، لأنه المنظور إليه من بينهم إلا أن المعتكف يستحب له الخروج في ثياب اعتكافه ، ليبقى عليه أثر العبادة والنسك . وقال أحمد ، في رواية المروذي : طاوس كان يأمر بزينة الثياب وعطاء قال : هو يوم التخشع . وأستحسنهما جميعا . وذكر استحباب خروجه في ثياب اعتكافه في غير هذا الموضع .
ووقت الغسل بعد طلوع الفجر في ظاهر كلام الخرقي ، لقوله : ” فإذا أصبحوا تطهروا ” . قال القاضي، والآمدي : إن اغتسل قبل الفجر لم يصب سنة الاغتسال ; لأنه غسل الصلاة في اليوم فلم يجز قبل الفجر كغسل الجمعة . وقال ابن عقيل : المنصوص عن أحمد أنه قبل الفجر وبعده ; لأن زمن العيد أضيق من وقت الجمعة ، فلو وقف على الفجر ربما فات ، ولأن المقصود منه التنظيف ، وذلك يحصل بالغسل في الليل لقربه من الصلاة ، والأفضل أن يكون بعد الفجر ، ليخرج من الخلاف ، ويكون أبلغ في النظافة ، لقربه من الصلاة . وقول الخرقي : ” تطهروا ” لم يخص به الغسل ، بل هو ظاهر في الوضوء ، وهو غير مختص بما بعد الفجر.
وجاء في كتاب المنثور للزركشي – من فقهاء الشافعية-:
غسل العيدين كالجمعة إلا في شيئين أحدهما : أن غسل ” العيد ” مستحب لجميع الناس ; لأنه يوم سرور ، وغسل الجمعة لمن يريد حضورها في الأصح .
والثاني : أنه يجوز الغسل للعيد قبل الفجر في الأصح ، ولا يجوز للجمعة إلا بعد الفجر.