غسل الجمعة سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء ، وذهب بعضهم إلى وجوبه .
غسل الجمعة هل هو سنة أم واجب
وعن أبي قتادة مرفوعا: “من اغتسل يوم الجمعة لم يزل طاهرا إلى الجمعة الأخرى.[2]
وروى الشيخان عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: “غسل الجمعة واجب على كل محتلم.
وعنه قال: “أشهد على رسول الله ﷺ قال: “الغسل يوم الجمعة: واجب على كل محتلم، وأن يستن (أي يتسوك) وأن يمس طيبا إن وجد.[3]
وذهب الظاهرية إلى وجوب غسل الجمعة[4] أخذا بظاهر حديث: “غسل الجمعة واجب على كل محتلم”.
وفهم الجمهور من رواية الوجوب: تأكيد الاستحباب والطلب، بدليل أنه أشرك معه السواك ومس الطيب، وهما ليسا بواجبين اتفاقا، ولا يصح تشريك ما ليس بواجب مع الواجب بلفظ واحد.
وفرق بعضهم بين ذي النظافة وغيره، فاستحبه للأول، وأوجبه على الثاني، نظرا إلى العلة. وقد روى الشيخان عن عائشة قالت: كان الناس مَهَنة أنفسهم (أي يعملون بأنفسهم) وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة، راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: “لو اغتسلتم؟.[5]
وفصلت ذلك في حديث آخر، قالت: كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم، فيأتون في الغبار، ويصيبهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسولَ الله إنسانٌ منهم، وهو عندي، فقال النبي ﷺ: “لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا؟”.[6]
وروى أبو داود عن عكرمة: أن أناسا من أهل العراق جاءوا فقالوا: يا ابن عباس! أترى الغسل يوم الجمعة واجبا؟ قال: لا، ولكنه أطهر، وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل: فليس عليه واجب، وسأخبركم كيف بدأ الغسل: كان الناس مجهودين يلبسون الصوف، ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف، إنما هو عريش، فخرج رسول الله ﷺ في يوم حارّ، وعرق الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت منهم رياح، آذى بذلك بعضهم بعضا، فلما وجد رسول الله ﷺ تلك الريح قال: “أيها الناس، إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا، وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه” قال ابن عباس: ثم جاء الله ـ تعالى ذكره ـ بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكُفُوا العمل، ووسع في مسجدهم، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضا من العرق”.[7]
الحكمة من غسل الجمعة:
[1] رواه البخاري عن سلمان (907).
[2] رواه الطبراني في الأوسط وابن خزيمة في صحيحه (1760) وحسنه معلقه، والحاكم وصححه على شرطهما (282،283) ووافقه الذهبي، وابن حبان في صحيحه واللفظ له (1222) وقال محققه: إسناده قوي.
[3] متفق عليه. المرجع السابق (490).
[4] انظر: المحلى لابن حزم: المسألة (178) وما بعدها، مطبعة الإمام.
[5] اللؤلؤ والمرجان (489).
[6] المرجع السابق (488).
[7] انظر: المسند (2383) ومجمع الزوائد (2/172).