الأصل في ذلك قوله تعالى : (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن) .
ذهــب الجمهــور مـن أهــل العلـــم إلى أن المـــراد مــن قولـــه تعالى : (أو نسائهن)، أنهن المؤمنات المختصات بالصحبة والخدمة، وكأنه تعالى قال : أو صنفهن.
وعليه فليس للمؤمنة أن تتجرد عن بعض زينتها بين يدي مشركة، لئلا تصفها لزوجها، فإنها أي المشركة لا يمنعها من أن تصفها لزوجها مانع بخلاف المسلمة، وقالوا : إن المرأة الكافرة ليست من نسائنا وأجنبية في الدين، وهو قول عمر، وابن عباس، ومجاهد، ومكحول، وابن جريج وغيرهم.
والمعتمـــد عنــد الشافعيـــة أن للمسلمـــة أن تكشف أمام المشركـــة ما يبدو عند المهنة عادة، أي الرأس والعنق واليدين إلى العضدين والرجلين إلى الركبتين. وهو مذهب الحنابلة.
واستدلوا على ذلك بما يلي :
1- ما صح من أن نساء كوافر قد كنّ يدخلن على أمهات المؤمنين، ولم يكنّ يحتجبن ولا أمرن بحجاب.
2- ما رواه عطاء أن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم لما قدموا بيت المقدس، كان قوابل (جمع قابلة، وهي المرأة التي تساعد المرأة عند الولادة وتتلقى الولد) نسائهن اليهوديات والنصرانيات.
3- أن الحجاب إنما يجب بنصّ أو قياس، ولم يوجد واحد منهما. وقال الألوسي : (وهذا القول أرفق بالناس اليوم، فإنه لا يكاد يمكن احتجاب المسلمات عن الكافرات) .
وأما قوله تعالى : (أو نسائهن)، فيحتمل أن يكون المراد جملة النساء، وقول السلف محمول على الاستحباب، وهو الراجح إن شاء الله، لسلامة الأدلة ورجحانها.