من نعم الله تعالى على عباده أن تكفل لهم بالرزق، وأمّن المؤمنين بحق من الخوف، فكانت حياتهم هادئة ونفوسهم مطمئنة، وكان الإيمان بالنسبة لهم روح الحياة ونبضها .

يقول الأستاذ الدكتور أحمد الريسوني : أستاذ مادة أصول الفقه ومقاصد الشريعة بجامعة محمد الخامس – بالعاصمة المغربية الرباط.

 لقد امتن الله تعالى على العباد بنعمتين من أعظم نعمه على خلقه وهما نعمة الإطعام ونعمة الأمن؛ لقوله سبحانه وتعالى: ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) وإذا كان الإطعام من الجوع يحفظ على الإنسان حياته الجسدية المادية؛ فإن الأمن يحفظ كذلك على الإنسان روحه وحياته من القتل والعدوان ولكنه يحفظها أيضا من القلق والخوف والفزع فهو أكثر فائدة من الطعام وإزالة الجوع. وتحقيق الأمن النفسي والروحي والمعنوي للإنسان لا يقتصر فقط على حفظ روحه ونفسه من القتل والعدوان بل يشمل الأمن القلبي والداخلي للإنسان .

ولذلك قال العلماء قديما: سلطان غشوم خير من فتنة تدوم.

والقرآن الكريم عمل على توجيه الناس إلى أن يتحققوا بالأمن الداخلي، وهو الذي يأتي من الإيمان بالله وبقدره وبأنه القاهر فوق عباده الفعال لما يريد. كما يأتي من عبادته ومن ذكره والإنابة إليه كما قال الله تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )، فإذا اختل الأمن الخارجي والمادي في حياتنا أو مجتمعنا بدرجة أو بأخرى فإن المؤمن يجد راحته وطمأنينته وأمنه في لجوئه إلى ربه واعتماده عليه وحده لا شريك له. كما قال تعالى:( الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ) والحمد لله رب العالمين.