المريض العاجز عن استعمال الماء لضرر في بدنه يرخص له في التيمم حتى لو كان الماء بجواره؛ لأنه في حكم فاقد الماء، والمهم أن يكون هذا المرض من شأنه أن يزيد باستعمال الماء، أو تزيد مدته، وهذا أمر يعرف من خلال التجربة الشخصية، أو الطبيب الثقة.

هل المرض يبيح التيمم

يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه فقه الطهارة :-
مما يبيح التيمم: خشية الضرر على الإنسان، وإن كان الماء موجودا، إذ لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، وما جعل الله في الدين من حرج .
وقد جعلت آية التيمم المرض من مبيحات التيمم كما قال تعالى: (وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً ) النساء: 43.

فالمريض الذي يتضرر باستعمال الماء أو يتفاقم جرحه، أو يتأخر شفاؤه، أو يزداد ألمه، أو الصحيح الذي يخاف المرض باستعمال الماء في شدة البرد، أو نحو ذلك: كلهم يجوز له التيمم، بدل الوضوء أو الغسل .

ودليل ذلك: حديث عمرو بن العاص لما بعثه النبي في غزوة ذات السلاسل، فاحتلم في ليلة باردة، فتيمم وصلى بأصحابه، فلما قدموا ذكروا ذلك لرسول الله ، فقال: “يا عمرو، أصليت بأصحابك وأنت جنب؟” فقال: ذكرت قول الله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُم إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) النساء: 29. فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله ، ولم يقل شيئا .

خطورة الافتاء بغير علم

يؤكد هذا ما رواه أبو داود في باب(المجروح يتيمم) عن جابر قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر، فشجّه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء! فاغتسل، فمات، فلما قدمنا على النبي أُخبر بذلك، فقال: “قتلوه قتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم، ويعصر ـ أو يعصب ـ على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها، ويغسل سائر جسده “.

وقد صحح الشيخ الألباني الحديث إلى قوله: “إنما كان يكفيه أن يتيمم” وهو موضع الشاهد من الحديث في جواز التيمم للجراحة وغيرها مما يخاف من زيادته وضرره باستعمال الماء .