الصوم عبادة مستقلة لها أركان، فإذا لم يقترف الصائم أي مبطل من مبطلات الصوم، فصومه صحيح، وترك الصلاة لا يبطل الصوم، ولكن صحة الصوم لا تعني أن العمل مقبول، فالتقوى هي مناط القبول للأعمال الصالحة قال تعالى (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) المائدة: 27.
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:
هناك فرق بين بطلان العبادة وعدم قبولها، فقد تكون صحيحة لا تجب إعادتها؛ لأنها مُستوفية الأركان والشروط ومع ذلك تكون غير مقبولة عند الله، كمن يُصلي رياء أو في ثياب مسروقة، والذي يصوم إن كان مُمْسكًا عن المفطرات وهي الطعام والشراب والشهوة فصومه صحيح غير باطل حتى لو ارتكب بعض المعاصي كالكذب وكترك الصلاة، لكن مع صحة الصوم هل يكون مقبولاً يُؤجر عليه من الله؟
إن الأحاديث صحت في حِرمان هذا الصائم من قبل صومه مثل حديث: ” من لم يدع قول الزور والعملَ به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” رواه الجماعة إلا مسلمًا. وبالمثل من يصوم ولا يصلي، صومه صحيح لا تجب إعادته لتركه الصلاة، أما قبوله فالحديث يدل على عدمه، وعلى فرض قبوله وأخذ ثواب عليه فإن عقاب ترك الصلاة عقاب شديد، ويظهر ذلك في الميزان يوم القيامة إذا لم يكن عفو من الله تعالى، فلنضع أمام أعيننا وفي قلوبنا قول الله سبحانه: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمْن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (سورة الزلزلة: 7، 8) وقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (سورة فصلت : 46).