صلى النبي ﷺ جالسا وصلى بعض الصحابة خلفه جلوسا.
وفي صلاة الإمام جالسا أحكام أهمها :
ولا يؤم القاعد من يقدر على القيام إلا بشرطين:
أحدهما: أن يكون إمام الحي؛ لأنه لا حاجة بالناس إلى تقديم عاجز عن القيام إذا لم يكن الإمام الراتب، فلا يتحمل إسقاط ركن في الصلاة لغير حاجة، والنبي ﷺ حيث فعل ذلك، كان هو الإمام الراتب.
الثاني: أن يكون مرضه يرجى زواله، لأن النبي ﷺ كان يرجى برؤه، ولأن اتخاذ الزَمن ومن لا يرجى قدرته على القيام إمامًا راتبًا، يفضى إلى تركهم القيام، ولا حاجة إليه.
وعليه لا تصح الصلاة خلف عاجز عن القيام؛ لأنه عجز عن ركن من أركان الصلاة، فلم يصح الاقتداء به، كالعاجز عن القراءة إلا بمثله، إلا إمام الحي، المرجو زواله علته وهو كل إمام مسجد راتب.
وإن صلى إمام الحي جالسًا، صلى من وراءه جلوسًا، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: “إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون” (متفق عليه)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “صلى بنا رسول الله ﷺ في بيته، وهو شاكٍ، فصلى جالسًا، وصلى وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم: أن اجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالسًا، فصلوا جلوسًا أجمعون” (متفق عليه)، ولأنها حالة قعود الإمام، فكان على المأمومين متابعته كحال التشهد.
فإن صلوا قيامًا خلف إمام الحي المرجو زوال علته، صحت صلاتهم؛ لأنه ﷺ لم يأمر من صلى خلفه قائمًا بالإعادة، ولأن القيام هو الأصل.
والأفضل للإمام إذا مرض أن يستخلف؛ لأن الناس اختلفوا في صحة إمامته، فيخرج من الخلاف، ولأن صلاة القائم أكمل، فيستحب أن يكون الإمام كامل الصلاة. الدكتور وهبة الزحيلي-رحمه الله تعالى-.