عدالة الشهود على عقد الزواج اختلف فيها الفقهاء فأوجبها الجمهور من مالكية وشافعية وحنابلة مستشهدين على هذا بقوله ﷺ: ” لا نكاح إلا بولي، و شاهدي عدل” فالعدالة مشروطة في نصِّ الحديث كما ذهبوا إلى أنَّ الشهادة لونٌ من ألوان التكريم ولا تكريم لأهل الفسق والعصيان.
ويكتفي الجمهور بشهادة مستور الحال الذي لم يظهر فسقه، فإذا شهد مستور الحال على عقد الزواج ثم انعقد العقد ثمَّ بان بعد ذلك أنَّه لم يكن بالشاهد العدل فإنَّ ذلك لا يؤثِّر في العقد لأنَّه حين انعقاده كان صحيحا.
جاء في المغني لابن قدامة :
ينعقد [أي : النكاح] بشهادة مستوري الحال؛ لأنَّ النكاح يكون في القرى والبادية، وبين عامة الناس، ممن لا يعرف حقيقة العدالة، فاعتبار ذلك يشق فاكتفي بظاهر الحال، وكون الشاهد مستورا لم يظهر فسقه، فإن تبين بعد العقد أنه كان فاسقا، لم يؤثر ذلك في العقد؛ لأن الشرط العدالة ظاهرا. أهـ
وخالف في شرط العدالة علماء الحنفية؛ لأنَّ الفاسق يصحُّ عقده لنفسه، وكذا يصح بيعه وشراؤه، ويصح كونه وليا فيصح كونه شاهدا وقالوا: كل من صلح أن يكون ولياً في الزواج بولاية نفسه يصلح شاهداً فيه وإلا فلا.
وجاء في المغني أيضا:
فأمَّا الفاسقان، ففي انعقاد النكاح بشهادتهما روايتان؛ إحداهما، لا ينعقد . وهو مذهب الشافعي؛ للخبر، ولأنَّ النكاح لا يثبت بشهادتهما، فلم ينعقد بحضورهما، كالمجنونين . والثانية ينعقد بشهادتهما . وهو قول أبي حنيفة؛ لأنها تحمل، فصحت من الفاسق، كسائر التحملات . أهـ
وعلى هذا فإذا كان الشاهدان من مستوري الحال ثمَّ بان بعد ذلك فسقها أو أحدهما فإنَّ العقد صحيح على رأي الجمهور.
وإن كان فاسقا بيِّن الفسق حال العقد فإنَّ العقد يقع صحيحا على مذهب الحنفية، وذلك لأنَّ الغرض من الشهادة هو الإعلان.