لا عبرة بقلة دم الحيض أو كثرته ، فعلى من أتاها دم الحيض ولو قطرة أن تمتنع عن الصيام حتى تطهر، المهم أن يكون ما يأتيها على صفات دم الحيض الأسود النتن الغليظ.
ومن الطبيعي أن دم الحيض لا يستوعب نزوله الليل والنهار، فهو ربما انقطع في أثناء أيام الدورة، فالعبرة بالطهر نفسه، وليس الانقطاع.
وأما عن كيفية الطهر فهناك اتجاهان للفقهاء :
الاتجاه الأول :يعتبر ما يسبق الدورة من إفرازات بنية أو ترابية أو صفراء من الدورة، وكذلك يعتبرون هذه الإفرازات من الدورة إذا جاءت في نهاية أيام الحيض، ولا يعتبرون المرأة طاهرا إلا إذا جف الفرج عن هذه الإفرازات تماما، بأن تخرج القطنة بيضاء غير ملوثة، أو أن يفرز الفرج ما يعرف بالقصة البيضاء.
وهذا الاتجاه يمثله جمهور الفقهاء القدامى، ومنهم المذاهب الأربعة – على اختلاف داخل المذهب الحنفي- وكثير من المفتين لا يفتي إلا بهذا المذهب.
وعلى هذا الاتجاه فأي إفرازات مثل دم الحيض تأتي بعد انقطاع يوم أو يومين أو ثلاث مثلا تحسب من الدورة، وعلى المرأة أثناءها أن تتوقف عن الصوم والصلاة سواء زادت أيام الدورة عن العادة أم لا.
والاتجاه الثاني : لا يعتبر هذه الإفرازات حيضا، سواء جاءت في أول الحيض، أو جاءت في آخره، ولا يعتبر الحيض إلا ذلك الدم الأسود الذي تعرفه المرأة بنتن رائحته وغلظه فقط، ومعنى ذلك أن هذه الإفرازات لا تجعل المرأة حائضا، بل تجعلها طاهرة، يجب عليها الصيام والصلاة، وهذا هو ما ترجحه الأدلة، وهو ما عليه الشوكاني وابن حزم، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة، والشيخ القرضاوي، وهو ما نفتي به.
فعلى ذلك فإذا كان الدم الذي يأتي هو الدم الأسود المنتن الذي تعرفه المرأة أيام الدورة فهو من الحيض الذي يمنعها من الصلاة والصيام.
وأما إذا كان على غير هذا كتلك الإفرازات البنية والصفراء والترابية فإنها لا تمنعها الصيام ولا الصلاة، ولا تحسب من الدورة.