حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
هل تزويج الأولاد مقدم على حج الفريضة:
يخطأ من يتقاعس عن فريضة الحج حينما اجتمع معه ما يكفي لأدائها، وتصور أن تزويج أولاده أو تأمين مستقبلهم أولى ، وأنه بذلك قد ضحى من أجلهم ، وغاب عنه أنه لم يضح بنفسه ولا بسعادته ، بل ضحى بدينه ، فإن فريضة الحج واجبة على المستطيع، ولا يجوز للمستطيع أن يزوج ولده ويؤخر الحج؛ لأنه يكون بذلك قدم النوافل على الفرائض.
فإذا كان المال لا يكفي للجمع بين تزويج الأولاد وبين الحج ، فالواجب تقديم الحج على تزويج الأولاد ، لأن الحج واجب ، أما تزويج الأولاد فمختلف فيه بين الوجوب والندب ، والواجب مقدم على المندوب ،والمتفق على وجوبه مقدم على المختلف في وجوبه .
وعلى الأولاد أن يصبروا حتى يغنيهم الله ، أو يتخففوا في مؤن الزواج .
2- ما يتبقى بعد ذلك تخرج عنه الزكاة بواقع 205% إذا كان يبلغ النصاب، والنصاب هو ما يساوي (85) جراما من الذهب الخالص، وإذا أردت أن تترك الباقي للأولاد فلا بد أن تبقيه في البنوك الإسلامية.
يقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر :-
لا يجب على الوالد أن يزوج ولده أو يساعده في زواجه، فذلك مندوب فقط، والحج للقادر عليه لأول مرة واجب.
وإذا تعارض واجب ومندوب قدم الواجب، فعلى الرجل أن يؤدي فريضة الحج أولاً، لأنه مستطيع، وفي الحديث تهديد لمن قدر على الحج ولم يحج، وبخاصة أن جمهور الفقهاء قالوا: إن وجوب الحج على الفور وليس على التراخي، فالتأجيل فيه إثم عندهم.
وعلى الولد أن يصبر حتى يغنيه الله ويستطيع الزواج، كما قال تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله} [سورة النور: 33] وكما قال النبي -ﷺ: “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” أي قاطع، رواه مسلم. والباءة هي تكاليف الزواج.
وإذا كان الولد محتاجًا إلى الزواج ليعف نفسه فعليه أن يتزوج من وسط يتناسب مع قدرته ومستواه المادي، وفي النساء كثيرات يوافقن على ذلك بدون مغالاة في المهور والجهاز.
ومثل ذلك يقال في تجهيز الوالد لبنته، فهو سنة غير واجب، أما الحج فهو واجب يقدم على السنة.
هل المال المرصود للزواج وللحاجات الأساسية يجب فيه الزكاة:
الشيخ القرضاوي فرق في مثل هذه الحالة بين حالتين:-
الأولى : أن يكون موعد شراء هذه الحاجيات قريبا ووشيكا كأن يكون سيشتري لوازم الزواج في غضون سنة أو سنتين على الأكثر، ففي هذه الحالة يعفى المال من الزكاة .
الثانية :– أن يكون موعد شراء هذه الحاجيات بعيدا كأن يكون سيشتري لوزام الزواج بعد أكثر من سنتين، فمثل هذا لا يعفى من الزكاة ، وإلا لظل سنوات طوالا دون زكاة.
ولكن هذا إذا ملكت ولدك المال ، أما أنت إذا رصدته فيجب عليه الزكاة.
هل يقدم الزواج على حج الفريضة لمن لديه المال ولا يستطيع إعفاف نفسه:
يقول الشيخ عطية صقر من كبار علماء الأزهر :-
إذا كان الشاب مستطيعًا بمال يكفيه أحد الأمرين، الحج المفروض لأول مرة، أو الزواج فإذا كان مستقيمًا يستطيع أن يبتعد عن الفاحشة كان زواجه سنة وحجه واجبًا فيقدم الواجب، أما إذا كان ضعيفًا أمام شهوته -إن لم يتزوج بسرعة وقع في الفاحشة- كان زواجه واجبًا ولا يجب عليه الحج لأنه غير مستطيع، فالاستطاعة تكون بعد كفاية الضروريات، والزواج ضروري له في هذه الحالة، والزواج فيه درء للمفاسد فيقدم على الحج الذي فيه جلب للمصلحة كما تقتضيه قواعد التشريع، أما إذا كان الحج مندوبًا أي للمرة الثانية فله الخيار بين الحج والزواج، أو مساعدة الابن أو البنت.
يقول الدكتور عبد الكريم زيدان الأستاذ بجامعة الإمام باليمن في حكم تزويج الآباء للأبناء من ناحية المبدأ :-
ومن تمام كفاية النفقة تزويج المنفق عليه إن لم تكن عنده زوجة إذا احتاج إلى زوجة إعفافًا له؛ لأن ذلك من تمام كفاية نفقته، وبهذا صرح الحنابلة، فقد قالوا: “ويلزمه نفقة زوجة من تلزمه مؤونته، – أي نفقته – ؛لأنه لا يتمكن من الإعفاف إلا به. ويجب أيضًا على من وجبت عليه النفقة لقريبه إعفاف من وجبت له نفقته من أب وإن علا، ومن ابن وإن نزل وغيرهم كأخ وعم إذا احتاج إلى النكاح لزوجة تعفه، أو يدفع المنفق إليه مالاً يتزوج به حرة لأن ذلك مما تدعو حاجته إليه ويستضر بفقده، فلزم على من تلزمه نفقته.. ويصدق المنفق عليه إذا ادعى أنه تائق – أي محتاج إلى النكاح – بلا يمين؛ لأنه هو الظاهر بمقتضى الجبلة” [كشاف القناع” ج3، ص317].