الحج هو الركن الخامس من أركان اللإسلام، وهو اتجاه المسلمين إلي مكة في وقت معين من العام مؤدين شعائر الحج بترتيب وكيفية محددة تُسمى مناسك الحج،والحج فرض عين واجب على كل مسلم عاقل بالغ وقادر؛ فهو أحد أركان الإسلام الأساسية، يقول رسول الله ﷺ :”بُني الإسلام على خمس: شهادة أنّ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، إقام الصلاة، إيتاء الزكاة وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلًا.”
منافع وفوائد الحج:
الحج له منافع كثيرة فهو شعيرة نتعلم منها كمال العبودية والخضوع لله عز وجل، وفيها تدريب على المبادئ والقيم التي جاء بها الإسلام، والحج تدريب للنفس لتخرج عن المألوف ومن ثم فيسهل انقيادها، أما أهم ثمار الحج التي يجنيها المؤمن فهي الفوز بجنات الخلد يوم العرض الأكبر.
حكم كثيرة وكبيرة تلك التي نتعلمها من الحج ومن هذه الحكم، أن الله يعد الإنسان لكمال عبودية الله سبحانه وتعالى، تكتمل العبودية في الحج، لأن الحج فيه أعمال كثيرة لا يعرف الإنسان معناها إنما يتقبلها، يطوف الكعبة، لماذا يطوف؟ ولماذا كان الطواف سبعاً ولم يكن ثلاثاً أو خمساً؟ ولماذا بدأ من الحجر الأسود ولم يبدأ من الركن اليماني؟ ولماذا كان رمي الجمار؟ ولماذا يرميها سبعاً؟ ولماذا يقف بعرفة؟ وما الحكمة في الوقوف بهذا الصعيد؟ هذا كله ليتعلم الإنسان أن يعبد الله، أن يقول الله تعالى: أمرت وأجبت، ويقول العبد: سمعت وأطعت، هذا أمر مهم جداً، وهو واضح في قول الحاج: لبيك اللهم لبيك، فهو مُلبٍ مجيب لما أمر الله تعالى به.
الدروس المستفادة من الحج:
من ناحية أخرى الحج فيه تدريب على المبادئ والقيم التي جاء بها الإسلام، يعني مثلاً جاء الإسلام بقيمة المساواة بين الناس، الناس سواسية كأسنان المشط “يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب” الصلاة تثبت معنى المساواة، ولكن يظل الناس في الصلاة بينهم تباين، فهذا يلبس عمامة، وهذا يلبس غترة وعقال، وهذا يلبس حلة، وكل واحد يلبس الملابس الشائعة في قومه، أو في بلده ،ففيه نوع من التميز في الصلاة، حتى في الصف الواحد، ولكن الحج أراد أن يزيل كل هذه الفوارق، ففرض على الناس أن يلبسوا هذه الملابس التي أشبه بأكفان الموتى، إزار ورداء كأنما يتذكر الناس الآخرة، ويتذكر تلك الحياة ،فهذا معنى المساواة.
معنى السلام، الإسلام جاء بالسلام (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السِلم كافة) والله تعالى اسمه “السلام” والجنة “دار السلام” وتحية المسلمين في الدنيا والآخرة “السلام” أراد أن يحيي الإنسان في رحلة كلها سلام، لأنه في الإحرام عندما يُحرِم الإنسان يَحّرُم عليه أن يصطاد صيداً أو حتى أن يأكل صيداً صيد له، وحتى في الأرض المحرمة في مكة لا يصح له أن يصطاد صيدها، ولا أن يقطع حتى حشيشها أو شجرها ، كل هذا لأنه يعيش في رحلة سلام.
نتعلم من الحج أيضاً معنى العالمية، الحج يحقق معنى العالمية، الإسلام جاء دعوة عالمية (لتكون للعالمين نذيراً) (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين) (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) هذه العالمية تظهر أقوى ما تظهر في الحج، فالناس يأتون من كل فجٍّ عميق، الأبيض والأسود والملون، وهذا من آسيا وهذا من إفريقيا وهذا من أوروبا، وهذا من استراليا وهذا من أمريكا، أنواع وألوان وطبقات، هنا تتحقق عالمية الإسلام، المسلم الذي عاش في قريته ولم ير إلا أهل قريته طوال عمره، يرى العالم في الحج، فيخرج المسلم من هذه البوتقة الصغيرة إلى العالمية .
من ناحية أخرى يعوِّد الإنسان أن يخرج عن مألوفاته، فالحج ثورة على المألوفات، يخرج الإنسان من بلده إلى بلد آخر، ولعله لم يسافر طوال حياته، ويعيش حياة أشبه بحياة الإنسان الكشَّاف، حياة بسيطة يقيم في خيمة، هذا كله من شهود المنافع، المنافع بعضها روحي وبعضها مادي فهذه ثمرات الحج في الحياة الدنيا.
أما في الآخرة فقد قال النبي ﷺ: “الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة” وقال: “من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه” أي أنه ولد ميلاداً جديداً بعد الحج فيحيا حياة الطُهر والاستقامة والتوبة إلى الله عز وجل.