يجوز للمرأة الدخول على زوجها المتوفى؛ لأن عرى الزوجية لا تنفصل بموت أحد الزوجين ، بل تظل الزوجية قائمة ، وقد جاءت الأحاديث الشريفة تؤيد جواز غسل أحد الزوجين للآخر فعن عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها قالت : رجع إلىَّ رسول اللّه ﷺ من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي وأقول : وارأساه ، فقال ” بل أنا وارأساه ، ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك ” رواه أحمد وابن ماجه وأصل الحديث عند البخاري وليس فيه ” غسلتك ” نيل الأوطار .
فيجوز للمرأة أن ترى جثَّة زوجها ، ولا مانع من ذلك ، بل إن الزوجة لها أن تغسِّل زوجها الميت .
روى الإمام مالك في الموطأ (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ غَسَّلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حِينَ تُوُفِّيَ ثُمَّ خَرَجَتْ فَسَأَلَتْ مَنْ حَضَرَهَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَتْ إِنِّي صَائِمَةٌ وَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ غُسْلٍ فَقَالُوا لا ) ، قال صاحب المنتقى على شرح الموطَّأ في هذا الحديث : يدل على جواز غسل المرأة زوجها بعد وفاته ، لأن هذا كان بحضرة جماعة من الصحابة، لا سيما أن أبا بكر أوصى بذلك ولم يعلم له مخالف من الصحابة فثبت أنه إجماع .
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (لَوْ كُنْتُ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ نِسَائِهِ ) رواه ابن ماجة ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة برقم فرؤية المرأة لجثَّة زوجها جائز من باب أولى .
ويقيد الجواز بما إذا كانت المرأة في عدتها ، فإذا انقضت عدتها كأن تكون حاملاً فتضع بعد موت زوجها مباشرة : فلا يحل لها أن تغسله ولا أن تنظر إليه .
وقد سأل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – قبل وفاته – عن رجل مات فولدت امرأته بعد ساعات فهل تغسل زوجها ؟
فأجاب : لا ، إذا ولدت : انقطعت العلاقة بينها وبين زوجها فلا يجوز أن تغسله لأنها صارت الآن غير زوجة له .أهـ
فعلى هذا طيلة وجود المرأة في عدة زوجها المتوفى عنها يجوز لها رؤيته والدخول عليه لما أسلفنا من أن عرى الزوجية مازالت قائمة طيلة وجود المرأة في العدة فإذا خرجت من العدة فلا يجوز لها ذلك الأمر ؛ لأنها حينئذ بمثابة امرأة أجنبية .