الطلاق في نظر الشريعة الإسلامية عملية جراحية مؤلمة، ولا يلجأ إليها إلا لضرورة توجبها، تفاديًا لأذى أشد من أذى العملية نفسها، ومن هنا جاء في الحديث: ” أبغض الحلال إلى الله الطلاق ” رواه أبو داود .
ولهذا وضعت الشريعة قيودًا عدة على الطلاق، حرصًا على رابطة الزوجية المقدسة أن تتهدم لأدنى سبب، وبلا مسوغ قوي .

يقول المستشار الشيخ فيصل مولوي -رحمه الله تعالى- نائب رئيس المجلس الأوربي للإفتاء -:ـ

الشرع لم يلزم أياً من الزوجين باختيار شريك حياته. بل كل واحد منهما هو الذي يختار بملء حرّيته شريك حياته؛ والشرع ينظّم بعد ذلك الحياة الزوجية بين الطرفين منذ بدايتها حتّى نهايتها . وإذا ظهر أن الاختيار كان غير موفّق، فإن مسؤولية ذلك تقع على أحد الطرفين أو على الاثنين معاً ولا يجوز لأحدهما أن يتهم الشرع بذلك، لأنه هو الذي اختار زوجه .

أمّا إذا كان المقصود اتهام التشريع الإسلامي لأنه أباح الطلاق أصلاً فهذا الأمر خطأ كبير، لأن مراعاة المرأة ليست أولى من مراعاة الرجل، ولأن الحياة الزوجية لا يمكن أن تقوم إلاّ بالرضى والقبول من الطرفين، ومهما كانت المرأة مصرّة على عدم الطلاق فهل يمكن إجبار الرجل على ذلك إذا كان يرى الطلاق بالنسبة إليه ضرورياً وملحاً؟

أمّا أن ينظر الناس إلى المرأة المطلّقة نظرة ازدراء واحتقار، فهو أمر يتعلّق بالناس ولا يمكن أن يُحمّل للتشريع الإسلامي. فقد تكون المرأة فعلاً مظلومة في طلاقها، وقد تكون مستحقّة لهذا الطلاق، بل قد تكون راغبة فيه وهي التي سعت إليه، وليس للناس أن يتدخّلوا في خصوصيّات الحياة الزوجية للرجل أو للمرأة. ومن مكارم الأخلاق ألاّ يتحدّث أحدهما عن الآخر بعد وقوع الطلاق بما كان بينهما من خلاف، وعسى أن يوفّق الله تعالى كلّ منهما إلى اختيار زوج آخر.” وإن يتفرّقا يُغنِ الله كلاً من سَعته “.