يقول الله تعالى : “الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ” (البقرة: آية 299) إلى أن قال سبحانه: “فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ” (البقرة: آية 230): فإن طلقها ـ يعني للمرة الثالثة، فلا تحل له بعد ذلك حتى تنكح زوجا غيره، “فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ” (البقرة: آية 230): فإن طلقها ـ يعني الزوج الثاني ـ فلا مانع بعد ذلك أن يتراجعا، إن ظنا أن يقيما حدود الله.

والطلاق إذا وقع من الزوج في حالة غضب، فإن كان هذا الغضب شديدا لدرجة الإغلاق، بحيث إنه لا يميز مَنْ أمامه، ولا يعرف ما يقول، فالصحيح أنه لا يقع، لأنه لا طلاق في إغلاق، أما أن كان يعرف مَنْ يُخاطِب، وماذا يقول فطلاقه يقع.

والطلاق عن طريق التليفون، إذا كانت تعرف صوته، وهو لا ينكر أنه قاله فطلاقه يقع.
فإذا أوقع الزوج على زوجته الطلاق ثلاث مرات في فترات متفرقة، منها مرتان عند المأذون. فهي بائنة منه، لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره زواجا شرعيًّا صحيحًّا، يدخل بها، ثم إن مات عنها، أو طلقها دون اتفاق معه، جاز زواجها لزوجها الأول.

والحقيقة فإن الزوج المستهتر يستحق العقوبة التعزيرية لتلاعبه بأيمانات الطلاق، لأن الله ـ عز وجل ـ لما شرع الزواج شرعه لإقامة حياة مستقرة سعيدة، يحس فيها كل من الزوجين بالسكن المادي والمعنوي، يتمتعان خلالها بالمودة والرحمة، فإن تعذرت تلك الحياة أو تعسرت، فالطلاق بعد محاولات لمّ الشمل، ورأب الصدع، وكل ذلك ينبغي أن يتم بإحسان ومعروف، وصدق الله العظيم إذا يقول: “فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ”.