دلت عدة نصوص من القرآن والسنة على اشتراط تجنب النجاسة للمصلي في بدنه وثوبه والمكان الذي يصلي فيه، من هذه النصوص، قوله تعالى : ” وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر : 4]” ومنها ما رواه الشيخان البخاري ومسلم عن أَسْمَاءَ رضي الله عنها قَالَتْ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ).
وروى أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينما النبي ﷺ يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم، فلما قضى رسول الله ﷺ صلاته قال: ”ماحملكم على إلقائكم نعالكم؟” قالوا:رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا. فقال رسول الله ﷺ: ”إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا” ، وقال: ”إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما”. والحديث صححه الألباني. ومن مقتضيات اجتناب النجاسة في البدن والثوب أن لا يصلي المصلي وهو حامل للنجاسة .
هذا وقد تحدث الفقهاء عن حكم من يصلي وهو حامل للنجاسة، وذكروا في ذلك صورا متعددة ، يهمنا منها هنا ما ذكروه عن الأوعية المغلقة وبها نجاسة.
أولا : المذهب الحنفي :
جاء في حاشية ابن عابدين:”لو صلى حاملا بيضة مذرة صار محها دما جاز لأنه في معدنه، والشيء ما دام في معدنه لا يعطى له حكم النجاسة، بخلاف ما لو حمل قارورة مضمومة فيها بول فلا تجوز صلاته لأنه في غير معدنه”. انتهى.
ثانيا : المذهب الشافعي :
جاء في المجموع للنووي : “وإن حمل قارورة فيها نجاسة وقد سدَّ رأسها ففيها وجهان : أحدهما يجوز لأن النجاسة لا تخرج منها كما لو حمل حيوانا[1]طاهرا، والمذهب أنه لا يجوز لأنه حمل نجاسة غير معفو عنها في غير معدنها فأشبه ما إذا حمل النجاسة في كمه . انتهى.
ثالثا: الفقه الحنبلي :
جاء في شرح منتهى الإرادات :”أو حمل قارورة باطنها نجس وصلى لم تصح صلاته”. انتهى.
رابعا: المذهب المالكي :
جاء في شرح الزرقاني :
إذا تعلق صبي بأبيه وهو في الصلاة فإن غلب على ظنه طهارة ثوبه فلا شيء عليه وإن تيقن نجاسته وسجد على بعضها أو جلس بطلت صلاته وإلا لم تبطل انتهي وأولى من تعلقه حملة أو ركوب الصبي عليه وغلب على ظنه نجاسة ثيابه فتبطل وإن لم يماس النجاسة كحمله نعله المتنجس.انتهى.
ومن هذه النقول يعلم أنه لا يعفى عن حمل الصبي بحفاضته المتنجسة إذا علم ذلك يقينا أو غلب على الظن. وأن من حمل صبيه وهو على هذه الحال بطلت صلاته.
[1]- المراد بالحيوان هنا ما يشمل الإنسان .