لا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها، عقابا له على تقصيره في حق الله تعالى، فإن الذي يحاسب العباد هو الله تعالى، ولأن الجماع من الحقوق المشتركة، فلا ينبغي التفريط فيه، فلا تمتنع المرأة عن زوجها، ولا يمتنع الرجل عن زوجته، وربما ترتب على هذا الامتناع ما هو أفدح من تأخير صلاة عن وقتها.

وقد جاءت الأحاديث النبوية مشددة على أن تعطي المرأة زوجها حقه في الجماع، فعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان عليها , لعنتها الملائكة حتى تصبح} متفق عليه  .

قال  الإمام الشوكاني :وفي الحديث دليل على أن الملائكة تدعو على المغاضبة لزوجها الممتنعة من إجابته إلى فراشه . انتهى

ومن حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: (  ….والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها , ولوسألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه } رواه أحمد وابن ماجه)  .

بل حث الرسول إلى سرعة استجابة المرأة لزوجها في الجماع ، ما لم يكن هناك مانع شرعي،ففي حديث طلق بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا الرجل دعا زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور } قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.

وفي حديث مسلم: { والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها } .

كما أن عصر المغريات التي نعيش فيه، يجعل البعد عن الامتناع عن الجماع أولى، فلا تكون الوسيلة التي يرتجى بها جبر التقصير، داعية إلى الوقوع في المعصية، صغرت أم كبرت.
كما أنه من الحصافة مراعاة الرجولة في الزوج، وأنه لا يقبل مثل هذا الأسلوب معه.

كما أنه من المهم أن يستشعر الزوج أهمية الصلاة على وقتها كفريضة من الفرائض الواجب أداؤها ، وأن يفعلها لله تعالى ، لا لأن زوجته تمتنع عن فراشه.
وفي الترغيب في الصلاة على وقتها ، وحب إتيان عبادة الله ما هو أفضل من امتناع الزوجة عن زوجها.

والامتناع عن الجماع لأجل التقصير في الصلاة على وقتها مرفوض شرعا شكلا ومضمونا.

ويقول الشيخ عبد الخالق الشريف: لا يجوز للمرأة الامتناع عن زوجها ، لأن الصلاة حقا لله، والجماع حق الزوج ، ولا ارتباط بين الحقين ، ومثال هذا كمثل رجل له مال عند الآخر، وكان صاحب المال لا يصلي، فلا يحق للمدين أن يقول له : لن أعطيك مالك ، لأنك لا تصلي. انتهى

وفي أهمية العلاقة الجنسية بين الزوجين يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:

العلاقة الجنسية بين الزوجين أمر له خطره وأثره في الحياة الزوجية . وقد يؤدي عدم الاهتمام بها، أو وضعها في غير موضعها إلى تكدير هذه الحياة، وإصابتها بالاضطراب والتعاسة . وقد يفضي تراكم الأخطاء فيها إلى تدمير الحياة الزوجية والإتيان عليها من القواعد.

وربما ظن بعض الناس أن الدين أهمل هذه الناحية برغم أهميتها .وربماتوهم آخرون أن الدين أسمى وأطهر من أن يتدخل في هذه الناحية بالتربية والتوجيه، أو بالتشريع والتنظيم، بناء على نظرة بعض الأديان إلى الجنس ” على أنه قذارة وهبوط حيواني”.

والواقع أن الإسلام لم يغفل هذا الجانب الحساس من حياة الإنسان، وحياة الأسرة، وكان له في ذلك أوامره ونواهيه، سواء منها ما كان له طبيعة الوصايا الأخلاقية، أم كان له طبيعة القوانين الإلزامية.

1- وأول ما قرره الإسلام في هذا الجانب هو الاعتراف  بفطرية الدافع الجنسي وأصالته، وإدانة الاتجاهات المتطرفة التي تميل إلى مصادرته، أو اعتباره قذرًا وتلوثًا . ولهذا منع الذين أرادوا قطع الشهوة الجنسية نهائيًا بالاختصاء من أصحابه، وقال لآخرين أرادوا اعتزال النساء وترك الزواج: ” أنا أعلَمُكم بالله وأخشاكم له، ولكني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء . فمن رغب عن سنتي فليس مني”.

2- كما قرر بعد الزواج حق كل من الزوجين في الاستجابة لهذا الدافع، ورغب في العمل الجنسي إلى حد اعتباره عبادة وقربة إلى الله تعالى، حيث جاء في الحديث الصحيح: ” وفي بضع أحدكم (أي فرجه) صدقة .قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال: نعم . أليسإذا وضعها في حرام كان عليه وزر . كذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر، أتحتسبون الشر ولا تحتسبون الخير ؟ ” . رواه مسلم.

ولكن الإسلام راعى أن الزوج بمقتضى الفطرة والعادة هو الطالب لهذه الناحية والمرأة هي المطلوبة . وأنه أشد شوقًا إليها، وأقل صبرًا عنها، على خلاف ما يشيع بعض الناس أن شهوة المرأة أقوى من الرجل، فقد أثبت الواقع خلاف ذلك .. وهو عين ما أثبته الشرع.

( أ ) ولهذا أوجب على الزوجة أن تستجيب للزوج إذا دعاها إلى فراشه، ولا تتخلف عنه كما في الحديث: ” إذا دعا الرجل زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور ” (رواه الترمذي وحسنه) .

(ب ) وحذرها أن ترفض طلبه بغير عذر، فيبيت وهو ساخط عليها، وقد يكون مفرطًا في شهوته وشبقه، فتدفعه دفعًا إلى سلوك منحرف أو التفكير فيه، أو القلق والتوتر على الأقل، ” إذا دعا الرجل امرأته، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح”. (متفق عليه).

وهذا كله ما لم يكن لديها عذر معتبر من مرض أو إرهاق، أو مانع شرعي، أو غير ذلك.

وعلى الزوج أن يراعي ذلك، فإن الله سبحانه – وهو خالق العباد ورازقهم وهاديهم – أسقط حقوقه عليهم إلى بدل أو إلى غير بدل، عند العذر، فعلى عباده أن يقتدوا به في ذلك.