لا مانع من دراسة المواد الفلسفية، إذا كانت الدراسة للإحاطة بالأفكار ومقارنتها بالدين،فإن كانت مُتفقة معه قُبلت وإلا رفضت،مع بيان وجه رفضها،وعلى هذا الأساس أُلِّفَتْ كتب في المِلَل والنِّحَل والعقائد المُختلفة “الصحيح منها والباطل”وناقشها العلماء مناقشة علمية على ضوء الدين والعقل الصحيح.
أما دراستها لمن لا يعرف الحق من الباطل، وترك الباطل منها دون بيان بطلانه ففيها ضرر كبير.
والقرآن الكريم نفسه ذكر عقائد المشركين،والمنكرين لوجود الله والدهريين والمنكرين للبعث والحساب وغيرهم،وذكر الأدلة على بطلان ما يعتقدون،كما ذكر الأدلة على العقائد الصحيحة التي جاء بها الإسلام.
وقد أُثيرت قديمًا مسألة تعلُّم عِلْم المنطق الذي وضعه قُدامى اليونان، فكان لعلماء المسلمين منه مواقف بالجواز والمنع، وسجَّل ذلك بعض المؤلفين بقوله:
فابن الصلاح والنواوي حرما === وقال قوم ينبغي أن يُعلما
والقولة المشهورة الصحيحة === جوازه لكامل القريحة
أي لمن عنده قدرة على تمييز الطيب من الخبيث من هذه المواد،وعيب بعض المؤلفات التي تدرس في بعض مراحل التعليم الآن أنها تعرض الأفكار ولا تناقشها مناقشة علمية على ضوء الدين، فيحسبها البعض أنها أمور مُسَلَّمة ما دامت منسوبة لكبار العلماء،وكم في هذه الآراء مما يتنافى مع مُقررات الدين، ولا يتفق مع مكارم الأخلاق.
وللإمام الغزالي في كتابه “إحياء علوم الدين” كلام طويل في العلوم المحمودة والعلوم المذمومة، وهو نفسه ألَّف في الرد على الفلاسفة بعد دراسة مذاهبهم.