لا يحل للرجل أن يتزوج بنت زوجته، لأنها ربيبته وقد دخل بأمها، وكونها تقيم مع أبيها ولم تنتقل مع أمها عنده لا أثر له على الحكم، لأن ذكر الحجر في الآية ليس شرطا للتحريم، وإنما ذكر لبيان ما كان عليه الحال وما جرت به العادة في أمر الربيبة، وهذا لا خلاف فيه .
يقول الدكتور عبد الرحمن العدوي:
إن المحرمات من النساء بسبب المصاهرة أي بسبب علاقة الزوجية أربع نساء وهن: زوجات الآباء لقوله تعالى: (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً) (النساء: 22 ) فيحرم على الرجل أن يتزوج المرأة التي عقد عليها أبوه أو جده لأبيه أو جده لأمه وإن علا، تحرم بمجرد العقد عليها .
الثانية: من المحرمات بسبب المصاهرة زوجات الأبناء لقوله تعالى: (وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ) (النساء : 23) فيحرم على الرجل أن يتزوج المرأة التي عقد عليها ابنه أو ابن ابنه وإن سفل، تحرم بمجرد العقد عليها .
والصنف الثالث: من المحرمات بسبب المصاهرة أمهات النساء وإن عَلَوْن لقول الله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ) (النساء : 23) فيحرم على الرجل أن يتزوج أم زوجته التي عقد عليها، وكذلك جدتها لأبيها أو لأمها وإن علون يحرمن بمجرد العقد على الزوجة .
الصنف الرابع من المحرمات بسبب المصاهرة بنات الزوجات وهن الربائب ولو كن في غير حجره ـ أي في غير معيشته ـ وهو موضوع السؤال، فتحرم البنت على زوج أمها بعد الدخول بالأم ، فتحرم البنت إذا دخل بأمها، أما تحريم الأم فبمجرد العقد على البنت كما ذكرنا، وذلك لقول الله تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) (النساء :23 ) أي اللاتي يقمن مع زوج أمهن .
والوصف للربائب بأنهن في الحجور لم يخرج مخرج الشرط، ولا دخل له في التحريم والتحليل، وإنما وصفهن بذلك تعريفًا لهن بغالب أحوالهن؛ إذ كان الغالب أن يضم الرجل ابنة زوجته إليه ويربيها، وما خرج مخرج الغالب لا يصح التمسك بمفهومه .
والدليل على أن تحريم الربيبة ـ وهى بنت الزوجة ـ ليس متوقفًا على كونها في حجر زوج أمها ما جاء في بقية الآية من قوله تعالى: (فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) وذلك يدل على أن التحريم يكون إذا تحقق الدخول بالأم، وأنه إذا لم يدخل بالأم فلا إثم عليه في أن يتزوج ابنتها، ولم يرد ذكر عند نفى الإثم لكونها في حجره، أو أنها ما زالت عند أبيها .
ويقول الشيخ إبراهيم جلهوم:
إن الأم إذا دخل بها من عقد عليها، لا يحل له أن يتزوج ابنتها التي أنجبتها من زوجٍ سابق، فالله تعالى يقول في آية المحرمات من النساء: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) (النساء: 23) .فهذه الآية الكريمة بينت الموقف بيانا واضحا لا لبس فيه، وبصراحة جلية دالة في حزم وحسم، على أن المرأة التي دخل بها من عقد عليها، لا تحل له ابنتها سواء أنجب من هذه الأم، أو لم ينجب منها، فبدخوله دخولا شرعيا بالأم، صارت ابنتها من غيره، بنتا له، وحرمت عليه تحريما مؤبدا.
هذا التعبير القرآني الرفيع: (وربائبكم اللاتي في حجوركم) والربيبة هي بنت الزوجة المدخول بها، ولم يقل وبنات نسائكم لفتاً لسمع المستمع، ولعواطف زوج الأم، بأن الربيبة، صارت تحت مظلة التربية وفي دائرة العناية، وفي محيط الرعاية، وسياج الحفظ والتعهد، فزوج أمها يربيها ويرعاها، ويتعهدها كما يربي ابنته من صلبه، تماماً بتمام، وعلى نفس السلوك الأبوي الخالص، ونظامه الحق.