قال ابن حزم: وفرض على الرجل أن يجامع امرأته، التي هي زوجته، وأدنى ذلك مرة في كل طهر، إن قدر على ذلك، وإلا فهو عاص لله تعالى .. برهان ذلك قول الله عز وجل: (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله). وذهب جمهور العلماء إلى ما ذهب إليه ابن حزم من الوجوب على الرجل إذا لم يكن له عذر.
وقال الشافعي: لا يجب عليه، لأنه حق له، فلا يجب عليه كسائر الحقوق.ونص أحمد على أنه مقدر بأربعة أشهر، لأن الله قدره في حق المولى بهذه المدة، فكذلك في حق غيره.
وإذا سافر عن امرأته، فإن لم يكن له عذر مانع من الرجوع، فإن أحمد ذهب إلى توقيته بستة أشهر .. وسئل: كم يغيب الرجل عن زوجته ؟ قال: ستة أشهر يكتب إليه، فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما ..
وحجته ما رواه أبو حفص بإسناده عن زيد بن أسلم قال؛: بينما عمر بن الخطاب يحرس المدينة، فمر بامرأة في بيتها وهي تقول:
تطاول هذا الليل وأسود جانبه وطال علي أن لا خليل ألا عبه
والله لولا خشية الله وحده لحرك من هذا السرير جوانبه
ولكن ربي والحياء يكفني وأكرم بعلي أن توطأ ماراكبه
فسأل عنها عمر، فقيل له: هذه فلانة، وزوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها تكون معه، وبعث إلى زوجها، فاقفله ثم دخل على حفصة، فقال: يابنية .. كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله. مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك.
قالت: خمسة أشهر .. ستة أشهر. فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر .. يسيرون شهرا ويقيمون أربعة أشهر ويسيرون راجعين شهرا.
وقال الغزالي من الشافعية: وينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، لأن عدد النساء أربعة، فجاز التأخير إلى هذا الحد .. نعم ينبغي أن يزيد، أو ينقص حسب حاجتها في التحصين، فإن تحصينها واجب عليه، وإن كان لا تثبت المطالبة بالوطء، فذلك لعسر المطالبة والوفاء بها.
وعن محمد بن معن الغفاري قال: ” أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فقالت: يا أمير المؤمنين : إن زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل،وأنا أكره أن أشكوه وهو يعمل بطاعة الله عز وجل فقال لها: نعم الزج زوجك، فجعلت تكرر هذا القول ويكرر عليها الجواب .. فقال له كعب الأسدي: يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه، فقال عمر:كما فهمت كلامها فاقض بينهما. فقال كعب: علي بزوجها فأتي به، فقال له: إن امرأتك هذه تشكوك. قال: أفي طعام، أو شراب؟ قال: لا ، فقالت المرأة:
يا أيها القاضي الحكيم رشده ألهي خليلي عن فراشي مسجده
زهده في مضجعي تعبده فاقض القضاء، كعب،ولا ترده
نهاره وليله ما يرقده فلست في أمر النساء أحمده
فقال زوجها:
زهدني في النساء وفي الحجل أني امرؤ أذهلني ما نزل
في سورة النحل وفي السبع الطول وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال كعب:
إن لها عليك حقا يا رجل نصيبها في أربع لمن عقل
فاعطها ذلك ودع عنك العلل
ثم قال: إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلك ثلاث أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك، فقال عمر:والله ما أدري من أي أمريك أعجب؟ أمن فهم أمرهما، أم من حكمك بينهما؟ اذهب فقد وليتك قضاء البصرة.
وقد ثبت في السنة أن جماع الرجل وزوجته من الصدقات التي يثيب الله عليها. روي مسلم أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: “ولك في جماع زوجتك أجر. قالوا يا رسول الله: آياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر”.
ويستحب المداعبة، والملاعبة، والملاطفة، والتقبيل والانتظار حتى تقضي المرأة حاجتها.روي أبو يعلي عن أنس بن مالك: أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال: “إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها”وقد تقدم: “هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك”.
وبناء على ما سبق من أقول الفقهاء نقول ليس هناك حدا أدنى أو حدا أقصى لذلك ولكن على الرجل أن يعف زوجته عن الحرام بحسب ما يستيطيع بلا إفراط أو تفريط وهذا الأمر يختلف من رجل إلى آخر كما يختلف من امرأة إلى أخرى فليفعل كل ما يطيقه وماتطيقه زوجه دون ضرر له أو إضرار بها.