تمني الموت في مثل حالتك لا يجوز؛ لأن الأفضل في حقك أن يطول عمرك لتتمكني من التوبة والإصلاح، فأنت تحتاجين إلى توبة تبدد لك الظلمات التي اسودت بها صحيفتك، توبة تملأ قلبك نورا وإشراقا، وتملؤه أملا يمحو آثار اليأس الذي استبد بك، فاستعيني بالدعاء، واستخلصي ممن حولك صحبة طيبة تعينك على نوائب الدهر.

حكم تمني الموت هربا من فعل المعاصي

يقول الشيخ محمد صالح المنجد:-
من ابتعدت عن الرفقة الصالحة فإن له الإرادة الكاملة فيما أعقب ذلك من الإهمال في طلب العلم ، والتهاون في النظر والسماع المحرَّم ، وقد يكون ما حصل بعد ذلك إنما هو بسبب آثار تلك الذنوب والمعاصي .
الوقت مناسباً لهن للانشغال بحفظ القرآن وطلب العلم والدعوة إلى الله عز وجل، وهذا الطريق هو الذي يشرح الله تعالى به الصدور ويجعل القلب به مطمئناً، وهو الطريق الذي ييسر الله تعالى فيه أمور الدنيا لصاحبه .
وتمني الموت خشية زيادة التهاون والمعاصي خطأ عظيم ، بل ينبغي أن لا يتمنى المسلم الموت إلا على حال أحسن مما هو عليه من المعاصي، والأمر بيده ويستطيع المسلم تدارك نفسه والرجوع إلى ما كان عليه وأحسن منه إن شاء الله ، لكن يحتاج الأمر إلى وقفة صادقة مع النفس، والمسارعة إلى الرجوع إلى الطريق التي يحبها الله تعالى ويرضاها .
وليس كل من تمنى الموت أدركه ، لذا نخشى أن يزداد الأمر سوءً وأن تزداد الحال ترديّاً ، وهو ما يُفرح الشيطان ويغضب الرحمن ، فيجب العلم بذلك، وأن تمني الموت ليس هو الحل للخروج مما هو فيه ، بل الحل هو التوبة الصادقة والعمل على مرضاة الله ، وتعويض ما فات من العمر في مرضاة الله تعالى .
ولعلك تعلم أن ما أصابك وقدَّره الله عليك قد يكون خيراً لك لو أنك رجعت إلى الله تعالى ، وذلك أنك ستندم على ما فات وتزيد من طاعتك وعبادتك ، وما كُتب عليك من السيئات يبدله الله تعالى حسنات، وهذا من فضل الله تعالى على عباده .

هل صاحب الذنب مع التوبة يكون ناقصا

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:-
من ظن أن صاحب الذنوب مع التوبة النصوح يكون ناقصاً : فهو غالط غلطاً عظيماً ؛ فإن الذم والعقاب الذي يلحق أهل الذنوب لا يلحق التائب منه شيء أصلا ، لكن إن قدَّم التوبة : لم يلحقه شيء ، وإن أخر التوبة : فقد يلحقه ما بين الذنوب والتوبة من الذم والعقاب ما يناسب حاله .

” وقال – رحمه الله – :
لكن قد يفعل الإنسانُ المحرَّمَ ثم يتوب ، وتكون مصلحته أنه يتوب منه ، ويحصل له بالتوبة خشوع ورقة وإنابة إلى الله تعالى ، فإن الذنوب قد يكون فيها مصلحة مع التوبة منها ؛ فإن الإنسان قد يحصل له بعدم الذنوب كِبر وعُجب وقَسوة ، فإذا وقع في ذنب أذله ذلك وكسر قلبه وليَّن قلبَه بما يحصل له من التوبة .