راعى الإسلام الفطرة البشرية ، ولم يمنع ما يدل على الحنان بين الأب وابنته ، على أن يكون ذلك بعيدا عن مظنة الشهوة درءا للفتنة .
و لم يمنع الفقهاء أن يقبل الرجل ابنته أو إحدى محارمه ، ما لم يكن هناك شهوة في الفعل، كما منعوا التقبيل في كل مكان يغلب على الظن أنه مظنة الإثارة الجنسية، ومن هنا لم يكن هناك بأس في تقبيل الرجل ابنته على رأسها ، أو جبهتها، أما تقبيل الرجل ابنته في فمها أو غيره مما قد يثير الفتنة ، فإن كان بشهوة ؛ حرم قطعا ، وإن كان من غير شهوة ؛ نهي عنه ، لما فيه من مظنة الشهوة ، وابتعادا عن الشبهات التي أمرنا أن نتجنبها ، ويتأكد النهي كلما كانت الفتاة أكبر سنا.
كما أنه يمكن اعتبار العرف في مثل هذه الأمور ، إن خلا من مظنة الفتنة والإثارة ، على أن من الأولى التخفيف من هذه القبلات وإن خلت مما يشوبها.
وإن قال قائل : كيف يتصور أن يقبل الرجل ابنته بشهوة ؟ قيل : إن هذا غير مستبعد ، وهو مشهود في بعض من خرج عن فطرته الإنسانية ، فكان الاحتياط في هذا أولى .
وقد سئل الإمام أحمد عن تقبيل الرجل ذات محرم منه ، فقال : إذا قدم من سفر ولم يخف على نفسه. فقيدها الإمام أحمد أن تكون هناك مناسبة ، كسفر ، فيكون هناك داع للتقبيل ، لطول الغياب ، مع أمن الفتنة.
وسئل الإمام أحمد أيضا عن الرجل يقبل أخته ؟ قال قد قبل خالد بن الوليد أخته.
وقد ورد عن إسحاق بن راهويه أن النبي ﷺ حين قدم من الغزو قبل ابنته فاطمة رضي الله عنها.
قال ابن مفلح تعليقا على الحديث : ولكن لا يفعله على الفم أبدا , الجبهة أو الرأس .أ.هـ
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا وهديا برسول الله ﷺ من فاطمة ابنته , وكانت إذا دخلت عليه قام إليها يقبلها وأجلسها في مجلسه , وكان النبي ﷺ إذا دخل عليها قامت له فتقبله وتجلسه في مجلسها. ( رواه الترمذي والحاكم ).