القطة طاهرة ليست نجسة كالكلاب ، فقد روى أحمد والدارقطنى والحاكم و البيهقى أن النبى ﷺ دُعِىَ إلى دار قوم فأجاب ، وإلى دار آخرين فلم يجب ، فقيل له فى ذلك فقال ” إن فى دار فلان كلبا ” فقيل له : وإن فى دار فلان هرة ، فقال ﷺ ” الهرة ليست نجسة إنما هى من الطوافين عليكم والطوافات ” وفى السنن الأربعة وصححه البخارى من حديث كبشة بنت كعب بن مالك -وكانت تحت بعض ولد أبى قتادة-أن أبا قتادة رضى اللّه عنه دخل فسكبت له وَضُوءًا فجاءت هرة فشربت منه ، فأصغى لها الإناء حتى شربت ، قالت كبشة : فرأَنى أنظر إليه ، فقال : أتعجبين يا ابنة أخى ؟ فقلت : نعم ، فقال : إن رسول اللّه ﷺ قال ” إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين عليكم والطوافات ” أى كالخدم المماليك فى البيوت ، وفى سنن ابن ماجه أنه ﷺ قال ” الهرة لا تقطع الصلاة ، إنما هى من متاع البيت ” .
( ب ) ذكر النووى فى شرح المهذب أن بيع الهرة الأهلية جائز بلا خلاف عند الشافعية إلا ما حكاه البغوى فى شرح مختصر المزنى أنه قال : لا يجوز وهذا شاذ باطل ، والمشهور عنه جوازه وبه قال جماهير العلماء . قال ابن المنذر : أجمعت الأمة على جواز اتخاذها ، ورخَّص فى بيعها ابن عباس والحسن وابن سيرين وحماد ومالك والثورى والشافعى وإسحاق وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأى .
وكرهت طائفة بيعها ، منهم أبو هريرة وطاووس ومجاهد وجابر بن زيد روى مسلم أن النبى ﷺ نهى عن ثمن الكلب والسنور ، أى القط .
يقول النووى : إن النهى هنا يراد به الهرة الوحشية ، فلا يصح بيعها لعدم الانتفاع بها ، إلا على وجه ضعيف فى جواز أكلها ، أو المراد له النهى التنزيه لا التحريم .
(ج) يقول الدميرى فى كتابه ” حياة الحيوان الكبرى ” : إذا كانت الهرة ضارية بالإفساد فقتلها إنسان فى حال إفسادها دَفْعًا جاز ولا ضمان عليه ، كقتل الصائل دفعا ،وينبغى تقييد ذلك بما إذا لم تكن حاملا ، لأن فى قتل الحامل قتل أولادها ولم تتحقق منهم جناية . وأما قتلها فى غير حالة الإفساد ففيه وجهان ، أصحهما عدم الجواز ويضمنها .وقال القاضى حسين : يجوز قتلها ولا ضمان عليه فيها ، وتلحق بالفواسق الخمس فيجوز قتلها ، ولا تختص بحال ظهور الشر .
وكلام الدميرى فى مسألة خطف هرة لحمامة أو غيرها وهى حيه .
لكن لو حدث من الهرة إفساد آخر بخطف الطعام أو التبرز على الفراش أو فى مكان هام ، واعتادت ذلك على الرغم من مطاردتها فلا وجه لتحريم قتلها ، لأنه من باب دفع الضرر، مثلها فى ذلك مثل الكلاب الضالة المؤذية.