الإسلام دين الفطرة النقية والواقع الذي يعيش الناس فيه ، وليس دين أوهام وخيالات وضرب في الغيب المخبوء ، وهو يربي أبناءه على الأخذ بقانون السببية ، وعدم الانغماس في البحث عن الغيب .
أهمية العقيدة السليمة والتوحيد؟
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
العقيدة السليمة هي أساس المجتمع الإسلامي، والتوحيد هو جوهر هذه العقيدة، وروح الإسلام كله. وحماية هذه العقيدة وهذا التوحيد الخالص، هو أول ما يسعى إليه الإسلام في تشريعه وفي إرشاده. ومحاربة المعتقدات الجاهلية التي أشاعتها الوثنية الضالة أمر لا بد منه لتطهير المجتمع المسلم من شوائب الشرك وبقايا الضلال؟؟.
وكان من أول العقائد التي غرسها الإسلام في نفوس أبنائه أن هذا الكون الكبير الذي يعيش الإنسان فوق أرضه وتحت سمائه، لا يسير جزافا أو يمشي على غير هدى، كما أنه لا يسير وفق هوى أحد من الخلق، فإن أهواءهم -مع عماها وضلالها- متضاربة متنافرة (ولو ابتع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن) سورة المؤمنون:71.
ولكن هذا الكون مربوط بقوانين مطردة، وسنن ثابتة، لا تتبدل ولا تتحول كما أعلن القرآن ذلك في غير آية(فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) سورة فاطر:43.
-وقد تعلم المسلمون من كتاب ربهم وسنة نبيهم، أن يحترموا هذه السنن الكونية، ويطلبوا المسببات من أسبابها التي ربطها الله بها، ويعرضوا عما يقال عن الأسباب الخفية المزعومة التي يلجأ إليها ويروجها عادة سدنة المعابد، ومحترفوا الدجل، والمتاجرون بالأديان.
-وقد جاء النبي ﷺ فوجد في المجتمع طائفة من الدجالين تعرف باسم (الكهان) أو (العرافين) الذين يدعون معرفة الغيوب الماضية أو المستقبلية، عن طريق اتصالهم بالجن أو غير ذلك، فأعلن الرسول ﷺ الحرب على هذا الدجال الذي لا يقوم على علم ولا هدى ولا كتاب منير.
وتلا عليهم ما أوحى الله به: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) النمل:65. فلا الملائكة ولا الجن، ولا البشر يعلمون الغيب.
-وأعلن عليه السلام بأمر ربه: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) سورة الأعراف:188.
-وأخبر تعالى عن جن سليمان(أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) سورة سبأ:14.
فمن ادعى معرفة الغيب الحقيقي، فهو كاذب على الله وعلى الحقيقة وعلى الناس.
وقد جاء بعض الوفود إلى النبي ﷺ، فظنوا أنه ممن يزعمون الاطلاع على الغيب، فخبؤوا له شيئا في أيديهم، وقالوا له: أخبرنا ما هو؟ فقال لهم في صراحة: “إني لست بكاهن، وإن الكاهن والكهانة والكهان في النار”.
حكم الذهاب للعرافين والكهنة وتصديقهم؟
لم تقتصر حملة الإسلام على الكهان والدجالين وحدهم، بل أشرك معهم في الإثم من يجيئونهم ويسألونهم ويصدقونهم في أوهامهم وتضليلهم. قال عليه الصلاة والسلام: “من أتى عرافا فسأله عن شيء، فصدقه بما قال، لم تقبل له صلاة أربعين يوما”.
وقال: “من أتى كاهنا فصدقه بما قال، فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ”. ذلك أن ما أنزل على محمد ﷺ أن الغيب لله وحده، وأن محمدا لا يعلم الغيب، ولا غيره من باب أولى: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب، ولا أقول لكم إني ملك، إن اتبع إلا ما يوحى إلي) سورة الأنعام:50.
فإذا عرف المسلم هذا من قرآنه صريحا واضحا، ثم صدق أن بعض الخلق يكشفون أستار القدر، ويعلمون ما يكنه صدر الغيب من أسرار، فقد كفر بما أنزل الله على رسوله ﷺ.