يقول الشيخ حسنين مخلوف-رحمه الله-:
أداء الصلاة في أوقاتها واجب وتأخيرها إضاعة لها. وقد فَسَّرَ عبد الله بن مسعود قوله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ) بأنهم أَخَّرُوها عن وقتها. وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك قال: ما أعرف شيئًا مما كان على عهد النبي ﷺ. قيل: الصلاة! قال: أليس صَنَعْتُم ما صنعتم فيها؟ وقد قال ذلك حين أَخَّرَ الحَجَّاج الصلاة عن وقتها. وفي رواية أنه حين رأى منه ذلك أراد أن يكلمه فيها فنهاه إخوانه شَفَقَة عليه منه، فخَرَج ورَكِبَ دابته فقال في مَسِيرِه: والله ما أَعْرِف شيئًا مما كُنَّا عليه على عهد النبي ـ ﷺ ـ إلا شهادة أن لا إله إلا الله (أي في إمارات الشام والبصرة) فقال رجل: فالصلاة يا أبا حَمْزَة؟ فقال: قد جعلتم الظهر عند الغروب، أفتلك كانت صلاة رسول الله ﷺ؟
فمن أَخّرَ الصلاة عن أوقاتها أَثِمْ. ومن لم يُؤَدِّها حتى فاتت أثم إثمَين. فإذا قضاها تَحَلَّل من إثم الترك، وبَقِي عليه إثم التأخير، فإذا تاب إلى الله منه توبة نصوحًا واستغفر الله من ذنبه يزول عنه إثم التأخير ويؤوب بالعفو والمغفرة بفضل الله تعالى ومشيئته.
من فاتته صلوات مكتوبة بلا عُذْر، قد ارتكب إثمين عظيمين: إثم تَرْكها وإثم تَأْخِيرها، والإثم الأَوَّل يَزُول بالقضاء، والثاني يزول بالتوبة بعد القضاء فإذا قَضَاها وتاب لا يُعاقَب على الترك ولا على التأخير ويُغْفَر له ويُعْفَى عنه فضلًا من الله ورحمة”.
وقد أشار إلى ذلك شارح التنوير في أول باب قضاء الفوائت، وقد جعل الله توبة العبد ماحية للذنوب فضلًا منه وكرمًا، ووَعَدَ ـ ووعده صدق ـ بقَبول التوبة من عباده والعفو عن سيئاتهم، وبأن الحسنات ومنها التوبة يذهبن السيئات، فالحمد لله حمدًا كثيرًا إذ فتح للمذنبين باب الرحمة والقبول ويَسَّر لهم سبيلهما.