حج بيت الله الحرام هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وهو واجب مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل إذا استطاع إليه سبيلا، أي إذا كانت له القدرة المادية والصحية على أداء هذه الفريضة.
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الحج واجب على الفور، وعلى هذا فمن استطاع الحج وأخر الحج دون أن يمنعه من ذلك عذر شرعي كالمرض، فإنه يكون آثما.
وذهب الشافعيةإلى أن الحج واجب على التراخي وعلى هذا فلا حرج في تأخير الحج لمن كان مستطيعا.
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح إدريس :
لا خلاف بين الفقهاء على فرضية الحج على المستطيع لقول الحق سبحانه وتعالى: “ولله على الناس حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا” وروي عن النبي ﷺ أنه قال: من استطاع أن يحج ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا” وروي عنه أيضا: من أراد الحج فليعجل فإنه قد يمرض المريض، وتضل الراحلة وتعرض الحاجة”، وهذا يدلل على أن وجوب الحج ينبغي الإتيان به؛ لأن المكلف قد يعرض له ما يمنعه من الإتيان بهذه الفريضة؛ فإذا استطاع أداء هذه الفريضة بنفسه وماله ولكنه لم يؤديها فإنه يأثم لتأخير أداء هذه الفريضة بدون سبب، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء الذين يرون أن الحج واجب على الفور إذا تمكن المكلف من أدائه بنفسه أو بالاستنابة عليه للأدلة السابقة.
ولكن فقهاء الشافعية يرون أن الحج لا يجب على الفور، وإنما يجب على التراخي ومقتضى وجوبه على المكلف على التراخي أنه لا يآثم إذا أخر أداءه بعد استطاعته الإتيان به، وقد استدل الشافعية على هذا بما روي أن رسول الله لم يخرج لأداء حجة الفريضة سنة 9 من الهجرة وتخلف بالمدينة بدون عذر من مرض، أو حرب، وتخلف معه أكثر الناس، ولم يحج إلا في العام التالي له وهو سنة 10 من الهجرة ، وكان قد بعث في سنة 9 من الهجرة بعثة لحج المسلمين من المدينة وأمََّّر عليها أبا بكر الصديق رضي الله عنه؛ فلو كان الحج واجبًا على الفور لما تخلف رسول الله عن الإتيان به بعد أن تمكن من أدائه، إلا أن جمهور الفقهاء قد أولوا تخلف رسول الله ﷺ عن أداء الحج سنة 9 من الهجرة وأدائه في سنة 10 من الهجرة أنه ربما قام به عذر من مرض أو مال أو نحوهما يمنعه من أداء الحج سنة 9 من الهجرة .
وعلى هذا فالرأي الراجح هو أن الحج واجب على الفور كما قال جمهور الفقهاء وهذا يقتضي أن تأخيره بعد استطاعة ادائه يجامعه الأثم.