الأصل هو عدم جواز بيع المعدوم، واستثنى الفقهاء من هذه القاعدة بيع السلم إذا توافرت شروطه، وهي أن يكون كلا من المقدار والأجل معلومين، وقد أجازه الشارع من باب التيسير على العباد وقضاء مصالحهم، ولكن بشرط ألا يكون في ذلك استغلال لحاجة الفقراء والمحتاجين.
يقول فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-:
هذا ما يعرف في الفقه الإسلامي [بالسلم] وإني أقول لمن يقوم بذلك : اطمئن ـ بمشيئة الله ـ على جواز عملك، فهو عمل مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، أما الكتاب فبقوله تعالى في أطول آية وأكبر سورة من سور القرآن العظيم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ..} الآية، البقرة :282. قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ فيها: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه، وأذن فيه، ثم قرأ هذه الآية.
وروى الجماعة أن ابن عباس قال: قدم النبي ـ ﷺ ـ المدينة، فوجدهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين ـ أي يسلفون مالاً في الحال ليحصلوا على الثمار بعد سنة أو سنتين ـ فقال النبي ﷺ: “من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم.
وقد أجمع أهل العلم على أن السلم جائز شرعًا بعد تحقق الشروط التي نص عليها الحديث والذي يقضي ويحتم معرفة المقدار المسلم فيه كيلاً ووزنًا ومعرفة الأجل الذي يتم السداد فيه.
وقد استثنى الشرع الشريف عقد السلم من قاعدة عدم جواز بيع المعدوم لما فيه من تحقيق مصلحة اقتصادية وقضاء لمصالح الناس لأمر هم في حاجة إليه، فإن المزارعين غالبًا محتاجون إلى النفقة على أنفسهم أو على زراعتهم حتى تنضج، فيجوز لهم السلم ـ أي شراء الثمر قبل حصاده ـ جاز ذلك دفعًا للحاجة وتيسيرًا على الناس، وينبغي أن يعلم بأنه إذا تم هذا تحت عنصر الاستغلال واضطرار الحاجة والتحكم، فإن ذلك لا يجوز شرعًا.[1]
[1]- ويشترط في جواز هذه المعاملة أن يكون الزرع المبيع غبر معين وإلا كان البيع باطلا، أي لا يجوز أن يبيع الفلاح إنتاج أرضه بالذات، فهذا شيء معين ، والسلم يجوز إذا كان المبيع مضبوطا بالصفات لا بالتعيين.