بيع المأكولات والمشروبات في نهار رمضان لغير المسلمين، إن ذلك جائز، لأن الصوم لم يُطلب إلا من المسلم، لقوله تعالى مخاطبًا المسلمين: “يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون“.
على أننا ننبه إلى أمر مهم هو أننا إذا جاز بيع المأكولات أو المشروبات لغير المسلمين في نهار رمضان، فينبغي أن يراعى في ذلك حرمة الشهر الكريم، وأن يراعى شعور المسلمين، وبناء عليه فيتم البيع سرًا، ويكون ذلك في الخفاء بقدر الإمكان.
حكم بيع الطعام في نهار رمضان
الذى يملك محلا لبيع مأكولات أو مشروبات قد تتناول بعيدا عنه أو تعد لتناولها فى وقت يحل فيه تناولها ، لا وجه لمنعه من ذلك ما دام لم ير المنكر يرتكب أمامه بتناول المشترى له فى نهار رمضان ، والواقع يقضى بتيسير حصول الناس على ما يحتاجون ، والإِثم عليهم فى سوء استعمال ما يقع تحت أيديهم ، أما الذى يملك مطعما يتناول فيه الناس غذاءهم ، أو مقهى تتناول فيه المشروبات ، فإن كان ذلك التناول فى نهار رمضان ، وتأكد أن متناوله مفطر لا عذر له فى الإِفطار كانت مساعدته على ذلك محرمة ، وإذا كانت معرفة المعذور وغير المعذور متعسرة فى المجتمع الكبير الذى يجمع أخلاطا متنوعة قد تنتحل فيه الأعذار فالأفضل عدم القيام بهذا العمل نهارا ، وفى ممارسة نشاطه ليلا متسع له دون حرج.
ذلك أن تيسير تناول الطعام والشراب فى هذه الأماكن فى نهار رمضان فيه إغراء بالفطر وفيه تشويه لسمعة المجتمع الإِسلامي الذى يجب أن يراعى حرمة هذا الشهر الكريم.
هل الكافر مطالب بالتكاليف الشرعية
سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله تعالى :
كيف يحاسب الكافر يوم القيامة وهو غير مطالب بالتكاليف الشرعية ؟
فأجاب :” هذا السؤال مبني على فهم ليس بصحيح ؛ فإن الكافر مطالب بما يطالب به المؤمن ، لكنه غير ملزم به في الدنيا ، ويدل على أنه مطالب : قوله تعالى : ( إلا أصحاب اليمين . في جنات يتساءلون . عن المجرمين . ما سلككم في سقر . قالوا لم نك من المصلين . ولم نك نطعم المسكين . وكنا نخوض مع الخائضين . وكنا نكذب بيوم الدين ) فلولا أنهم عوقبوا بترك الصلاة وترك إطعام المساكين ما ذكروه ؛ لأن ذكره في هذه الحال لا فائدة منه ، وذلك دليل على أنهم يعاقبون على فروع الإسلام ، وكما أن هذا هو مقتضى الأثر فهو أيضاً مقتضى النظر : فإذا كان الله تعالى يعاقب عبده المؤمن على ما أخل به من واجب في دينه فكيف لا يعاقب الكافر ؟
بل إني أزيد أن الكافر يعاقب على كل ما أنعم الله به عليه من طعام وشراب وغيره قال تعالى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ) فمنطوق الآية : رفع الجناح عن المؤمنين فيما طعموه ، ومفهومها : وقوع الجناح على الكافرين فيما طعموه ” انتهى .
وعليه : فلا يجوز للمسلم أن يقدم طعاماً لغير المسلم في نهار رمضان ؛ لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة .