الأدلة على انتفاع الميت بعمل غيره كثيرة منها : أنه ينتفع بدعاء غيره له ، وينتفع بحج غيره له وينتفع بسداد الديون عنه ، وينتفع بالصدقة والولد الصالح ، وكذلك باستغفار الملائكة وغيرها.
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله ، فقد خرق الإجماع وذلك باطل من وجوه كثيرة : ـ
الأول : أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره ، وهو انتفاع بعمل الغير.
الثاني : أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها.
الثالث : أنه يشفع لأهل الكبائر في الخروج من النار، وهذا انتفاع بسعي غيره .
الرابع : أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض وذلك منفعة بعمل الآخر .
الخامس : أن الله تعالي يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم.
السادس : أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الآخر.
السابع : قال تعالي في قصة الغلامين اليتيمين: “وكان أبوهما صالحا” فانتفعا بصلاح أبيهما وليس من سعيهما.
الثامن : أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة وهو انتفاع بعمل الآخر.
التاسع : أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه بنص السنة وهو انتفاع بعمل الآخر.
العاشر : أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره وهو انتفاع بعمل الآخر.
الحادي عشر : امتنع النبي صلي الله عليه وسلم من الصلاة علي المدين حتى قضي دينه أبو قتادة وقضي دين الآخر علي بن أبي طالب رضي الله عنه وانتفع بصلاة النبي صلي الله عليه وسلم.
وهو انتفاع جاءه من عمل غيره.
الثاني عشر : أن النبي صلي الله عليه وسلم قال عندما رأي رجلا يصلي وحده: “ألا رجل يتصدق علي هذا فيصلي معه”. فقد حصل له فضل الجماعة بفعل غيره.
الثالث عشر : أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الخلق إذا قضاها قاض عنه وذلك انتفاع بعمل الآخر.
الرابع عشر : أن من عليه تبعات ومظالم إذا حلله منها من هي له فإنها تسقط عنه وذلك انتفاع بعمل الآخر.
الخامس عشر : أن الجار الصالح ينفع في المحيا والممات كما جاء في الأثر وهذا انتفاع بعمل الآخر.
السادس عشر : أن جليس أهل الذكر يرحم بهم وهو لم يكن منهم ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له والأعمال بالنيات فقد انتفع بعمل غيره.
السابع عشر : الصلاة على الميت والدعاء له في الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه وهو عمل غيره.
الثامن عشر : أن الجمعة تحصل باجتماع العدد وكذلك الجماعة بكثرة العدد وهو انتفاع للبعض ببعض.
التاسع عشر : أن الله تعالي قال لنبيه صلي الله عليه وسلم: “وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم” وقال تعالي: “لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات” وقال تعالي: “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض” فقد رفع الله تعالي العذاب عن بعض الناس بسبب بعض وذلك انتفاع بعمل الآخر.
العشرين : أن صدقة الفطر تجب علي الصغير وغيره ممن يعوله الرجل فإنه ينتفع بذلك من يخرج عنه ولا سعي له فيها.
الحادي والعشرين : أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون ويثاب عليه ولا سعي له، ثم قال: ومن تأمل العلم وجد أن انتفاع الإنسان بما لم يعمله، ما لا يكاد يحصي فكيف يجوز أن تتأول الآية الكريمة: “وأن ليس للإنسان إلا ما سعي” علي خلاف صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة. أ.هـ