الراجح أن النجاسة مختصة بلعاب الكلب فقط، وأما بقية أجزائه فطاهرة، وعليه فإذا مس الكلب أحدا بجسمه دون أن يلغ فيه بلعابه فلا يتنجس.
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي-رحمه الله تعالى-:-
من الأعيان النجسة: لعاب الكلب، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: “إذا شرب الكلب من إناء أحدكم فليغسله سبعا” وثبت عندهما وغيرهما مثله من حديث عبد الله بن مغفل. فدل ذلك على نجاسة لعاب الكلب، وهو المطلوب هنا.
وهناك من الفقهاء من قال بنجاسة الكلب كله، ولا دليل على ذلك من الكتاب والسنة، وأما الاستدلال بحديث الولوغ أو الشرب من الإناء، فالحكم فيه مختص بالولوغ فقط، وليس فيه ما يدل على نجاسة ذاته كلها: لحما وعظما ودما وشعرا وعَرَقًا. وإلحاق هذه بالقياس على الولوغ بعيد جدا، كما قال الشوكاني. ولا سيما مع حديث ابن عمر: كانت الكلاب تُقْبِل وتُدْبِر في المسجد زمان رسول الله ﷺ، فلم يكونوا يرشون شيئا” رواه البخاري وأبو داود وغيرهما.
وهناك من قال بطهارة الكلب كله، وقال: إن غسل الإناء من ولوغه أمر تعبدي، فيه حكمة للشارع لا نعقلها، والواجب العمل بما دلت عليه النصوص، وإن لم نعقل الحكمة التي وردت لها.
وقد احتج الإمام مالك بأن الله تعالى أباح صيده دون أن يأمر بغسله، كما قال تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ…) المائدة:4.
وأنا أستريح إلى رأي مالك، في أن كل حي طاهر، وأن الكلب في ذاته طاهر، ولهذا يباح لنا أن نأكل صيده، وأن ما جاء في الولوغ أمر تعبدي.
على أنه قد كشف لنا العلم الحديث شيئا عما في لعاب الكلب من آفات، وما يحمله الغد من اكتشافات قد يكون أعظم وأوفى.