قراءة السورة بعد الفاتحة سنة عند جمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة، وذهب الحنفية إلى أنها واجبة في الفريضة والنافلة.
جاء في كتاب المغني لابن قدامة: (لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أنه يسن قراءة سورة مع الفاتحة في الركعتين الأوليين من كل صلاة , ويجهر بها فيما يجهر فيه بالفاتحة , ويسر فيما يسر بها فيه .
والأصل في هذا فعل النبي ﷺ ; فإن أبا قتادة روى { , أن النبي ﷺ كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين , يطول في الأولى , ويقصر في الثانية , ويسمع الآية أحيانا , وكان يقرأ في الركعتين الأوليين من العصر بفاتحة الكتاب وسورتين , يطول في الأولى , ويقصر في الثانية , وكان يطول في الأولى من صلاة الصبح , ويقصر في الثانية } .
وفي رواية : في الظهر كان يقرأ في الركعتين الأخريين بأم الكتاب . متفق عليه وروى أبو برزة ,
{ أن النبي ﷺ كان يقرأ في الصبح من الستين إلى المائة . وقد اشتهرت قراءة النبي ﷺ للسورة مع الفاتحة في صلاة الجهر , ونقل نقلا متواترا , وأمر به معاذا , فقال : اقرأ بالشمس وضحاها , وبسبح اسم ربك الأعلى , والليل إذا يغشى } متفق عليه.
وجاء في كتاب نيل الأوطار للشوكاني:
( ولا خلاف في استحباب قراءة السورة مع الفاتحة في صلاة الصبح والجمعة والأوليين من كل الصلوات ,
قال النووي : إن ذلك سنة عند جميع العلماء وحكى القاضي عياض عن بعض أصحاب مالك وجوب السورة .
قال النووي وهو شاذ مردود . وأما السورة في الركعة الثالثة والرابعة فكره ذلك مالك واستحبه الشافعي في قوله الجديد دون القديم .
وقد ذهب إلى إيجاب قرآن مع الفاتحة عمر وابنه عبد الله وعثمان بن أبي العاص والهادي والقاسم والمؤيد بالله كذا في البحر وقدره الهادي بثلاث آيات , قال القاسم والمؤيد بالله : أو آية طويلة , والظاهر ما ذهبوا إليه من إيجاب شيء من القرآن , وأما التقدير بثلاث آيات فلا دليل عليه إلا توهم أنه لا يسمى ما دون ذلك قرآنا لعدم إعجازه كما قال المهدي في البحر , وهو فاسد لصدق القرآن على القليل والكثير لأنه جنس وأيضا المراد وما يسمى قرآنا لا ما يسمى معجزا ولا تلازم بينهما , وكذلك التقدير بالآية الطويلة .
وحديث أبي سعيد عند ابن ماجه { لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها } . لو كان صحيحا لكان مفسرا للمبهم في الأحاديث من قوله : ” فما زاد ” وقوله : ” فصاعدا ”
وقوله : ” وما تيسر ” ولكان دالا على وجوب الفاتحة وسورة في كل ركعة , ولكن الحديث ضعفه الحافظ. )
وفي كتاب المجموع للنووي:
(قال الشافعي والأصحاب : يستحب أن يقرأ الإمام والمنفرد بعد الفاتحة شيئا من القرآن في الصبح وفي الأوليين من سائر الصلوات , ويحصل أصل الاستحباب بقراءة شيء من القرآن , ولكن سورة كاملة أفضل , حتى أن سورة قصيرة أفضل من قدرها من طويلة ; لأنه إذا قرأ بعض سورة فقد يقف في غير موضع الوقف , وهو انقطاع الكلام المرتبط , وقد يخفى ذلك .
قالوا : ويستحب أن يقرأ في الصبح بطوال المفصل , ( كالحجرات ) ( والواقعة ) وفي الظهر بقريب من ذلك , وفي العصر والعشاء بأوساطه , وفي المغرب بقصاره , فإن خالف وقرأ بأطول أو أقصر من ذلك جاز).
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
(ذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة : إلى أنه تسن القراءة في النفل والوتر . والقراءة المرادة هنا هي ضم سورة إلى الفاتحة , ومن السنة تخفيف القراءة في سنة الفجر , لما روي { أن رسول الله ﷺ قرأ فيها سورة الكافرون والإخلاص , وأطال القراءة في صلاة الفجر } . ولحديث عائشة – رضي الله عنها – قالت : { كان رسول الله ﷺ يصلي ركعتي الفجر مخففة حتى أني لأقول : هل قرأ فيهما بأم القرآن؟}.
ويستحب الإسرار بالقراءة إذا كانت النافلة نهارا اعتبارا بصلاة النهار , ويتخير بين الجهر والإسرار في الصلاة الليلية إذا كان منفردا , والجهر أفضل بشرط أن لا يشوش على غيره , أما إذا كانت النافلة أو الوتر تؤدى جماعة فيجهر بها الإمام ليسمع من خلفه , ويتوسط المنفرد بالجهر . وذهب الحنفية : إلى أن القراءة واجبة في جميع ركعات النفل والوتر ; لأن كل شفع منه يعتبر صلاة على حدة , والقيام إلى الثالثة كتحريمة مبتدأة . وأما الوتر فللاحتياط.).