يشيع عند كثير من الناس تلاوة بعض الآيات من القرآن الكريم طلبًا للنجاة أو السلامة ، فمنها ما يقرأ قبل النوم ، ومنها ما هو عند ركوب البحر ، وكذا استعمالها لمداواة بعض الأمراض مثل : وجع الرأس ، والجنون ، والحفظ من الشيطان … الخ ، وكل هذا عملا بحديث يتداولونه: ( خذ من القرآن ما شئت ) دون أن يتأكدوا صحته؟

يقول فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا-رحمه الله-:

لقد راجعت هذا الحديث في مظانه فلم أجده ، وما أظنه إلا من اختراع أصحاب العزائم والنشرات التي ورد في حديث جابر وغيره أنها من عمل الشيطان .

فقد حول هؤلاء فائدة القرآن إلى غير ما أنزل لأجله من الهداية ، وجعلوه آلة لأكل أموال الناس بالباطل ؛ فإنك لتجد الذي يكتب لك ما تتقرب به إلى الحكام عاجزًا عن التقرب إليهم ، والقبول عندهم ، وتجد الذي يكتب لك ما تغنى به من أفقر الناس إلا حيث يروج الدجل ، ويبذل المال الكثير في الوسائل الوهمية ؛ فإن البارع في الإيهام والدجل قد يستغني في أمثال هذه البلاد ، ولكن ببركة جهل الناس لا بتأثير عزائمه ونشراته ، وكذلك الذين يكتبون لشفاء الأمراض تجدهم أو عيالهم غير مُمَتعين بالصحة .

ولو صح الحديث ؛ لكان معناه : ( خذ من القرآن ما شئت من آيات الهداية والعبر لما شئت من أمراض النفس وعلل القلب ) ، فإنه كما قال الله : [ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُور ]( يونس : 57 ) لا شفاء لما يقول الدجالون من أمراض العظام والجلود .