يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ
إن الإسلام قد حض على بناء المساجد والعناية بها قال الله تعالى :( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَءَاتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) سورة التوبة الآية 18 . وعمارة المساجد تكون ببنائها كما تكون بالصلاة فيها .
وعن عثمان بن عفان رضي رضي الله عنه قال :( سمعت رسول الله ـ ﷺ ـ يقول : من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة ) رواه البخاري ومسلم .
وعن عبد الله بن عمر رضي رضي الله عنه قال:( سمعت رسول الله ـ ﷺ ـيقول : من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له قصراً في الجنة ) رواه أحمد
والمسجد الذي يبنى لله سبحانه وتعالى يجب أن يكون مبيناً من مال طيب حلال ولا يجوز شرعاً بناء المساجد من المال الحرام كمال الربا ” الفائدة ” ومال الميسر ” اليانصيب والقمار ” والمال المسروق وغيرها من الأموال التي تكتسب بطرق محرمة . ومال الربا الذي بني منه المسجد مال خبيث لأن الربا من أشد المحرمات ، والله سبحانه وتعالى طيب لا يقبل إلا طيباً ومال الربا خبيث والمرابي ليس من المتقين . يقول الله تعالى: ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) سورة المائدة الآية 27 .
يقول النبي ـ ﷺ ـ: (إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقات ولا يقبل منها إلا الطيب ) رواه الترمذي وأحمد بنحوه وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .
وقال النبي ـ ﷺ ـ:( ما تصدق أحد من صدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه … الحديث ) رواه البخاري ومسلم .
قال النبي ـ ﷺ ـ:( والذي نفسي بيده ما من عبد يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيباً ولا يصعد إلى السماء إلا الطيب كأنما يضعها في يد الرحمن … الحديث ] رواه الشافعي وإسناده حسن .
وعن أبي هريرة أن الرسول ـ ﷺ ـقال :( من جمع مالاً حراماً ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه ) رواه ابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي .
إذا تقرر هذا فإنه لا يجوز بناء المساجد من المال الحرام لأن المال الحرام خبيث ، ولا يصلح أن يدخل في بناء بيوت الله تعالى وصيانة لبيوت الله عن كل خبث وعن كل مال حرام ، وإذا كانت بيوت الله تصان عن النجاسات الصغيرة والقاذورات كالبصاق والمخاط فمن باب أولى أن تصان عن هذه المحرمات الكبيرة ، وقد كانت العرب في جاهليتها تحرص أشد الحرص على أن تبقى الكعبة المشرفة وهي بيت الله الحرام بعيدة عن أي درهم حرام .
وأما الصلاة في المسجد الذي بني من مال حرام فهي صلاة صحيحة إن شاء الله ولا شيء على المصلي وإنما الإثم على باني المسجد بالمال الحرام . وينبغي أن يمنع بناء المساجد من الأموال المحرمة إن كان ذلك معلوماً .