كلمة السنة تطلق ويراد بها عدة معان، فعند الأصوليين: يقصد بالسنة: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير.
فهي هنا مصدر من مصادر التشريع أو دليل من الأدلة.
وهنا تقابل بـ(الكتاب) يقال: هذا أمر ثابت بالكتاب والسنة.
ويقصد بالسنة أحيانًا: الأمر المشروع، ومقابلة: البدعة. يقال: الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة.
ويقصد بالسنة عند الفقهاء: أحد الأحكام الشرعية الخمسة: الفرض، السنة، والحرام، والمكروه، والمباح. وقد يعبر بكلمة (المندوب) أو (المستحب) بدل كلمة (السنة)
وقد يسأل أحد عن الأمور التي تثبت بالسنة النبوية، بدلالة الأحاديث الشريفة: ما يُعَدُّ منها واجبًا؟ وما يُعَدُّ منها غير واجب؟
وللإجابة على السؤال لابد من معرفة بماذا أثبت هذه السنة:أبالقول أم بالفعل أم بالتقرير؟
أما الفعل والتقرير، فلا يدلان – بذاتهما – على أكثر من المشروعية، فإنه عليه الصلاة والسلام لا يفعل محرمًا، ولا يقر باطلاً، وإذا ظهر من الفعل قصد القربة إلى الله تعالى أفاد الاستحباب.
وأما ما ثبت بالقول، فينبغي أن ننظر إلى صيغة القول ودلالتها، سواء كانت أمرًا أم نهيًا، تحفُّهُ قرائن أو لا تحفه.
والذي يتضح من استقراء أحكام الفقهاء واستنباطهم –ما عدا الظاهرية- أن الأمر في السنة محمول على الاستحباب، ما لم يقترن بما يدل على الوجوب، كذلك النهي دل على الكراهية، ما يقترن بما يدل على التحريم.
فإذا أخذنا مثلاً قوله عليه الصلاة والسلام: “سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بيمينك، وَكُلْ ممَّا يليك”
نجد أن هذه الأوامر النبوية تدل على الاستحباب، ولكن قوله “وكل بيمينك” دل على الوجوب، ولكن بحديث آخر، وهو “لا يأكل أحدكم بشماله، ولا يشرب بشماله، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله” ، فإن نسبة الأكل بالشمال والشرب بالشمال إلى الشيطان: تدل على حرمته، ومقتضاه أن يكون الأكل باليمين، والشرب باليمين.