لو كانت الصلاة سرية وجهر المصلي في صلاته وكان الجهر يسيرا فليس عليه شيء سواء كان ذلك عمدا أو سهوا للحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ” أن النبي ﷺ كان يقرأ في الظهر، في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الآخريين بأم الكتاب، ويسمعنا الآية ، ويطول في الركعة الأولى مالا يطول في الركعة الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح.
ومن الحديث السابق استدل العلامة ابن دقيق العيد –من فقهاء الشافعية– في كتابه إحكام الأحكام على أن الجهر بالشيء اليسير من الآيات في الصلاة السرية جائز مغتفر لا يوجب سهوا يقتضي السجود. أ.هـ
وإذا كانت الصلاة سرية، وكان الجهر كثيرا بأن جهر بالفاتحة أو السورة في موضع الإسرار أو العكس، فلا خلاف في صحة الصلاة، ولكن اختلف الفقهاء في سجود السهو في هذه الحالة، فذهب الشافعية وأحمد في أصح الروايتين عنه إلى أنه ليس عليه سجود سهو، وذهب الحنفية والمالكية إلى أن الجهر في موطن الإسرار والإسرار في موطن الجهر ينجبر بسجود السهو..
جاء في كتاب المجموع للإمام النووي:
لو جهر في موضع الإسرار أو عكس لم تبطل صلاته ولا سجود سهو فيه , ولكنه ارتكب مكروها , هذا مذهبنا , وبه قال الأوزاعي وأحمد في أصح الروايتين . وقال مالك والثوري وأبو حنيفة وإسحاق : يسجد للسهو , دليلنا قوله في حديث أبي قتادة ” ويسمعنا الآية أحيانا ” وهو صحيح
وجاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
الجهر والإخفات – في موضعهما – من سنن الصلاة , لا تبطل الصلاة بتركه عمدا وإن تركه سهوا فهل يشرع له السجود من أجله ؟ فيه عن أحمد روايتان : إحداهما , لا يشرع قال الحسن , وعطاء , وسالم , ومجاهد , والقاسم , والشعبي , والحاكم : لا سهو عليه . وجهر أنس في الظهر والعصر ولم يسجد , وكذلك علقمة والأسود . وهذا مذهب الأوزاعي, والشافعي ; لأنه سنة , فلا يشرع السجود لتركه اليدين.
والثانية يشرع وهو مذهب مالك , وأبي حنيفة في الإمام ; لقول النبي ﷺ { إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين } ولأنه أخل بسنة قولية , فشرع السجود لها , كترك القنوت وما ذكروه يبطل بالقنوت , وبالتشهد الأول , فإنه عند الشافعي سنة ويسجد تاركه , فإذا قلنا بهذا كان السجود مستحبا غير واجب نص عليه أحمد .
قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل سها , فجهر فيما يخافت فيه , فهل عليه سجدتا السهو ؟ قال : أما عليه فلا أقول عليه , ولكن إن شاء سجد . وذكر أبو عبد الله الحديث عن عمر , أو غيره , أنه كان يسمع منه نغمة في صلاة الظهر قال : وأنس جهر فلم يسجد . وقال : إنما السهو الذي يجب فيه السجود ما روي عن النبي ﷺ وقال صالح : قال أبي إن سجد فلا بأس وإن لم يسجد فليس عليه . ولأنه جبر لما ليس بواجب , فلم يكن واجبا كسائر السنن.