صح عن رسول الله ﷺ أنه نهى عن الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، ولذلك أجمع من يعتد به من الفقهاء على حرمة الجمع بينهما.
قال ابن قدامة في المغني:-
ولا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها , وبينها وبين خالتها قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على القول به وليس فيه – بحمد الله – اختلاف , إلا أن بعض أهل البدع ممن لا تعد مخالفته خلافا , وهم الرافضة والخوارج , لم يحرموا ذلك , ولم يقولوا بالسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ وهي ما روى أبو هريرة , قال : قال رسول الله ﷺ { لا يجمع بين المرأة وعمتها , ولا بين المرأة وخالتها } متفق عليه.
وفي رواية أبي داود { لا تنكح المرأة على عمتها , ولا العمة على بنت أخيها , ولا المرأة على خالتها , ولا الخالة على بنت أختها , لا تنكح الكبرى على الصغرى , ولا الصغرى على الكبرى }.
ولأن العلة في تحريم الجمع بين الأختين إيقاع العداوة بين الأقارب , وإفضاؤه إلى قطيعة الرحم المحرم وهذا موجود فيما ذكرنا فإن احتجوا بعموم قوله سبحانه : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } خصصناه بما رويناه .
وبلغنا أن رجلين من الخوارج أتيا عمر بن عبد العزيز فكان مما أنكرا عليه رجم الزانيين وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها , وبينها وبين خالتها , وقالا : ليس هذا في كتاب الله تعالى فقال لهما : كم فرض الله عليكم من الصلاة ؟ قالا : خمس صلوات في اليوم والليلة وسألهما عن عدد ركعاتها , فأخبراه بذلك وسألهما عن مقدار الزكاة ونصبها , فأخبراه , فقال : فأين تجدان ذلك في كتاب الله ؟ قالا : لا نجده في كتاب الله قال : فمن أين صرتما إلى ذلك ؟ قالا : فعله رسول الله ﷺ والمسلمون بعده : قال فكذلك هذا .
ثم لا فرق بين الخالة والعمة , حقيقة أو مجازا , كعمات آبائها وخالاتهم , وعمات أمهاتها وخالاتهن , وإن علت درجتهن , من نسب كان ذلك أو من رضاع فكل شخصين لا يجوز لأحدهما أن يتزوج الآخر , لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى لأجل القرابة , لا يجوز الجمع بينهما لتأدية ذلك إلى قطيعة الرحم القريبة , لما في الطباع من التنافس والغيرة بين الضرائر ولا يجوز الجمع بين المرأة وأمها في العقد , لما ذكرناه ; ولأن الأم إلى ابنتها أقرب من الأختين , فإذا لم يجمع بين الأختين فالمرأة وبنتها أولى .