لو أدى ذهاب المسلم إلى المسجد إلى أن يترك زملاؤه الصلاة لكان الأفضل له أن يصلي بهم حتى يعتادوا الصلاة ، وفي الحديث أن الدال على الخير له مثل فاعله من الأجر.
والأصل أن الصلاة تكون في المساجد ، ولهذا بنيت ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال : ( من سمع النداء فلم يجب ، فلا صلاة له إلا من عذر ) صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (793) .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
” الأصل الصلاة في المساجد , ولا بأس أن يصلي أهل المكاتب في مكاتبهم إذا كان خروجهم إلى المسجد يؤدي إلى تعطل العمل , أو يؤدي إلى تلاعب بعض الموظفين الذين يخرجون للصلاة ويتأخرون , وإذا كان المسجد بعيداً أيضاً جاز لهم الصلاة في مكان عملهم .
“مجموع فتاوى ابن عثيمين” (15/68) .
الذي له عذر يمنعه من حضور صلاة الجماعة في المسجد له أجر الجماعة وإن صلاها في بيته.
وقد يُعذر المسلم فيرخّص له في ترك صلاة الجماعة في المسجد كأن يكون بعيداً لا يصل له صوت الأذان في وضعه الطبيعي ، أو يكون مريضاً ، أو خائفاً ، وإذا كان الأمر كذلك : فعليه أن يصلي جماعة مع أهل بيته ممن لا تجب عليهم الجماعة ، أو مع من هم مثله من المعذورين.
وهنا يصح التفاضل بين جماعة المسجد وبين جماعة هؤلاء من حيث العدد فمن كانت جماعته أكثر كان أحب إلى الله، لكن ليس هناك مجال للمقارنة بين الأجور الأخرى ، مثل الخطوات التي يخطوها المصلي للمسجد ، والتبكير لحضور الصلاة ، وإعداد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح ، وغير ذلك ، فمثل هذه الأجور يحرمها من يصلي في بيته ، إلا أن يكون من المحافظين على الصلاة في المسجد فأقعده المرض أو العذر ، فهذا يكتب له من الأجر مثل ما كان يعمل ، كما صحَّ ذلك عن النبي ﷺ .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
المعذورَ يُكتبُ له أجرُ الجماعةِ كاملاً إذا كان مِن عادتِه أن يصلِّي مع الجماعةِ ، لقول النبي ﷺ: ( إذا مَرِضَ العبدُ أو سافرَ كُتِبَ له مثلُ ما كان يعملُ صحيحاً مقيماً ) . “الشرح الممتع” ( 4 / 323 ) .
ومن تأخر عن الصلاة بعذر ووصل المسجد وقد انتهت الصلاة : فيكتب له أجر الجماعة ولو صلى وحده .وهذا إذا لم يكن التأخير ناشئاً عن التقصير
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلاَّهَا وَحَضَرَهَا وَلَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ) .
رواه أبو داود ( 564 ) – واللفظ له – والنسائي ( 855 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود .