يجوز التصدق على المرأة، طالما القصد إعفافها عن الزنا، وللمتصدق أجر كبير على ذلك إن شاء الله تعالى، بل إن هذه الصدقة واجبة إذا تعينت طريقا لإعفافها، أي إذا كانت صدقته عليها هي سبب إعفافها، وتعففها فعلا، وفي هذه الحالة يجب أن يستمر المتصدق ، وله أجر من الله تعالى، ولكن ينبغي له أن لا يحسب هذه الصدقة من الزكاة المفروضة، إلا إذا لم تسمح ظروفه المادية إلا بالزكاة.

وإذا كانت المرأة فقيرة، وليس لها من تلزمه نفقتها، وليس لها دخل مشروع فيجوز إعطاؤها الزكاة المفروضة بلا خلاف، لأن الفقير من مصارف الزكاة.

فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب الزكاة ، باب: إذا تصدق على غني وهو لا يعلم، ورواه مسلم في الزكاة، باب: ثبوت أجر المتصدق وإن وقعت الصدقة في يد غير أهلها.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (قال رجل: لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد، على زانية؟ لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته. فوضعها في يدي غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، فقال: اللهم لك الحمد، على سارق، وعلى زانية، وعلى غني، فأُتِيَ: فقيل له: أما صدقتك على سارق: فلعله أن يستعف عن سرقته، وأما الزانية: فلعلها أن تستعف عن زناها، وأما الغني: فلعله يعتبر، فينفق مما أعطاه الله).
ومعنى:(فأتي) رأى في المنام.

لمن تدفع الصدقة:

يقول الشيخ عطية صقر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
ينبغي التحري لدفع الصدقة، كأية عبادة يؤديها الإنسان لابد أن تكون كما قرر الشرع في حَجْمِهَا وكيفيتها ووقتها وغير ذلك ، إنَّ حُسن الظن بطالب الصَّدقة يشفع في قبولها عند الله لو ظَهَرَ خلاف الظن، وورد في ذلك حديث البخاري الذي أخذ فيه معن ابن الصحابي “يزيد” صدقة أبيه وكان ينوي إعطاءها لغيره: وقول الرسول ـ ـ “لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن” وحديث الصحيحين فيمن ظهر أن صدقته وقعت في يد سارق ويد زانية ويد غني، وأن الله تقبَّلها.

حكم وقوع الزكاة في غير موقعها:

إذا حمل ذلك على صدقة التطوع وهي النافلة فهل يصدق على الزكاة الواجبة إذا ظهر أنها وقعت في غير موقعها؟

جاء في المُغني لابن قدامة ، قوله: وإذا أعطى من يظنه فقيرًا فكَانَ غنيًا فَعَن أحمد فيه روايتان:

إحداهما يُجْزئه وذكر أنه مذهب أبي حنيفة، واستشهد بحديث رواه النسائي وأبو داود: أن رجلين طلبا من النبي ـ ـ صَدَقة مما كان يوزعه في حِجَّة الوداع فرآهما قويين، فقال لهما “إن شئتما أعطيتكما ولا حظ لغني لا لقوي مكتسب” قال الخطابي: هذا الحديث أصل في أن من لم يُعْلَمْ له مال فأمره محمولٌ على العدم، كما استشهد بحديث الصحيحين في الرجل الذي تصدق فظهر أن المُتَصَدَّق عليه غني، وتحدَّث الناس بذلك، وأن الرسول أخبره أن صدقته قُبلت. لعل الغني يعتبر.

والرواية الثانية لأحمد أنها لا تُجزئ، وهو قول أبي يوسف.

وأما الشافعي فله قولان كالروايتين الواردتين عن أحمد.

وذكر ابن قدامة تعليلاً للرواية بالجواز أن الفقر والغِنى مما يعسر الاطلاع عليه والمعرفة بحقيقته.

قال الله تعالى: (يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ) (سورة البقر’ : 273) فاكتفى بظهور الفقر ودعواه. (انتهى).