التحدث عن الطاعة أمر جائز لأن النبي ﷺ كان يصنعه مع الصحابة رضوان الله عليهم ،
فقد كان النبي ﷺ يسأل الصحابة في مجلسه عن أنواع البر والخير الذي صنعوه ، فقد جاء في كنز العمال عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: صلى رسول الله ﷺ صلاة الصبح ، ثم أقبل على أصحابه بوجهه قال: من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال عمر: يا رسول الله! لم أحدث نفسي بالصوم البارحة فأصبحت مفطرا: فقال أبو بكر: لكن حدثت نفسي بالصوم فأصبحت صائما، فقال رسول الله ﷺ: هل منكم اليوم أحد عاد مريضا؟ قال عمر: يا رسول الله! لم نبرح فكيف نعود المريض! فقال أبو بكر: بلغني أن أخي عبد الرحمن بن عوف شاك فجعلت طريقي عليه لأنظر كيف أصبح، فقال النبي ﷺ: هل منكم أحد أطعم اليوم مسكينا؟ فقال عمر: يا رسول الله؟ صلينا ثم لم نبرح، فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا سائل فوجدت كسرة من خبز الشعير في يد عبد الرحمن ، فأخذتها فدفعتها إليه، فقال رسول الله ﷺ: أنت فأبشر بالجنة! فتنفس عمر فقال: واها للجنة! فقال رسول الله ﷺ كلمة أرضى بها عمر، عمر زعم أنه لم يرد خيرا قط إلا سبقه إليه أبو بكر.
وفي سنن أبي داود عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي اللّه عنهما قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: “هل منكم أحدٌ أطعم اليوم مسكيناً؟” فقال أبو بكر [رضي اللّه عنه]: دخلت المسجد، فإِذا أنا بسائل يسأل، فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن فأخذتها منه فدفعتها إليه.
ففي سؤال النبي تحفيز المؤمنين وشحذ للهمم والعزائم حتى يتسابقوا جميعا في فعل الخيرات حتى يدخلوا الجنة ، وفي القرآن الكريم يقول تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } فهذا السؤال من شأنه أن يسعى الإنسان إلى الطاعة ؛ لأنه أصبح في منافسة وغيره يسابقه فيها ، وقد أودع الله في النفس البشرية حب التنافس من قديم الأزل .
والتحدث بالعبادة لا يحبط العمل مادام بهذه النية ، وهي نية التعاون على الطاعة ، يقول تعالى : { و تعاونوا على البر والتقوى و لا تعاونوا على الإثم والعدوان } أما إذا كان التحدث بالعبادة من قبيل العجب بالنفس أو الافتخار بالعبادة فهذا من شأنه أن يحبط العمل ؛ لأنه يدخل به في باب الرياء ، والفرق بين فساد العمل وصلاحه شعرة دقيقة ، فالرياء عادة يسري سريان النملة على الصخر في الليل أى لا يشعر به الإنسان ، والرياء محبط للعمل ، والنجاة من الرياء تكون بإخلاص العمل لله تعالى ، والله سبحانه وتعالى يعلم المخلص وغير المخلص فسبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور .