التأمين ضد الحريق غير جائز شرعا ؛ لأن ضمان الأموال في الشريعة الإسلامية يكون إما بطريق الكفالة أو بطريق التعدى، أو الاتلاف، وليس عقد التأمين شيئا من ذلك .وأيضا عقد التأمين ليس عقد مضاربة، لاشتراط أن يكون المال من جانب ، والعمل من جانب آخر .
يقول فضيلة الشيخ محمد بخيت مفتي مصر الأسبق ( رحمه الله)عن التأمين ضد الحرائق :
عمل شركات التأمين بأن تقبل من صاحب الملك مبلغا معينا يدفعه إليها كل سنة، وفي نظير ذلك تضمن له دفع قيمة ما عساه يلحق الملك المؤمن عليه من أضرار الحريق إذا حصل، فهذا غير مطابق لأحكام الشريعة الإسلامية ، ولا يجوز ، وذلك لما هو مقرر شرعا أن ضمان الأموال إما أن يكون بطريق الكفالة أو بطريق التعدي أو الإتلاف، وهذا العمل ليس عقد كفالة قطعا ؛ لأن شرط عقد الكفالة أن يكون المكفول به دينا صحيحا لا يسقط إلا بالأداء أو الإبراء، أو عينا مضمونة بنفسها بأن يجب على المكفول عنه تسليمها للمكفول له .
فإن هلكت ضمن المكفول عنه للمكفول له مثلها إن كانت مثلية، وقيمتها إن كانت قيمية ، وذلك كالمغصوب والمبيع بيعا فاسدا وبدل الخلع وبدل الصلح عن دم عمد .
وعلى ذلك لابد في عقد الكفالة من كفيل يجب عليه الضمان، ومن مكفول له يجب تسليم المال المضمون إليه، ومكفول عنه يجب عليه إحالة تسليم المال المكفول به ومن مكفول به وهو المال الذي يجب تسليمه للمكفول له، وبدون ذلك لا يتحقق عقد الكفالة، ولا يوجد شئ مما ذكرناه في عقد الكفالة في عمل شركات التأمين.
فالكفالة لا تنطبق عليه بلا شبهة، لأن المال الذي جعله صاحبه في ضمان الشركة لم يخرج عن يده ولا يجب عليه تسليمه لأحد غيره فلم يكن دينا يجب عليه أداؤه، ولا عينا مضمونة عليه بنفسها كما أن المال المذكور لم يدخل في ضمان الشركة، لأنه لم يكن دينا عليها ولا عينا مضمونة عليها بنفسها.
فتبين أن العمل التي تقوم به هذه الشركات ليس ضمان تعد ولا ضمان إتلاف ،لأن أهل الشركة لم يتعد واحد منهم على المال المؤمن عليه ولم يتلفه ولم يتعرض له بأدنى ضرر، بل إن هلك المال المؤمن عليه فإما أن يهلك بالقضاء والقدر أو باعتداء متعد آخر أو إتلاف متلف آخر، فلا وجه حينئذ لدخول المال المؤمن عليه في ضمان الشركة، ولا لأخذ الشركة ما تأخذه في نظير ذلك ولا يجوز أيضا أن يكون العقد المذكور عقد مضاربة لأن عقد المضاربة يلزم فيه أن يكون المال من جانب رب المال والعمل من جانب المضارب والربح على ماشرطا - لأن أهل الشركة إنما يأخذون المبالغ التى يأخذونها في نظير ضمان ماعساه أن يلحق الملك المؤمن عليه من إضرار الحريق ونحوه لأنفسهم، ويعملون في تلك المبالغ لأنفسهم لا لأربابها.
ومن هذا الذي فصلناه يتبين جليا أن عمل هذه الشركات ليس مطابقا لأحكام الشريعة الإسلامية، بل هو عقد فاسد شرعا، لا يجوز شرعا الإقدام عليه لأن هذا العمل معلق على مخاطرة وهو ماعساه أن يلحق العقار المؤمن عليه من الضرر .
وتارة هذا الضرر يقع، وتارة لا يقع فيكون هذا العمل قمارا معنى يحرم الإقدام عليه شرعا .