الذُّنوب منها كبائر وصغائر، كما قال تعالى: ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ) (سورة النساء:31)، وكما قال النبي ـ ﷺ ـ ” الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان ـ كفَّارة لما بينهنَّ إذا اجتُنِبت الكبائر” رواه مسلم وأحمد والترمذي. وكل من الكبائر والصغائر محرَّم وفيه عقوبة، بعضها مقرَّر في الدنيا كالقصاص والحدود على القتل والسرقة والزِّنى والقذْف وشرب الخمر، وبعضها عقوبة في الآخرة بالنار إن لم يَغفر الله له، ومغْفرة الكبائر تكون بالتَّوبة النصوح، أو الحج المبرور على بعض الأقوال، ومغفرة الصغائر تكون بعمل أيَّة حسنة من قول أو فعل كالذِّكر والاستغفار والصلاة والصدقة، كما قال تعالى (إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) (سورة هود:114) كما قال النبي ـ ﷺ ـ وأَتبِع السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها” رواه الترمذي وقال: حسن.
والإصرار على الصغيرة وعدم تركها استهانة بأمرها وعدم اهتمام بالعقوبة عليها يَرفعها إلى درجة الكبائر؛ لأن فيها تحدِّيًا لأوامر الله، وستَجُرُّ المداومة عليْهَا إلى الوقوع في الكبائر، فمعظم النار من مُسْتَصْغِرِ الشَّرَرِ. فمعنى قوله: لا صغيرة مع الإصرار لا تَبقى الصغيرة صغيرةً عند الإصرار عليها، بل تتحوَّل إلى كبيرة، ومعنى قولهم: ولا كبيرة مع الاستغفار تُكَفَّر الكبيرة بالاستغفار أي التوبة المُستكْمَلة لشروطها من الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العود، مع رد الحقوق لأصحابها، أو عفْوهم عنها.
ولا ينبغي لأي مسلم أن يهتمَّ عند السؤال عن المعصية بأن يَعرف: هل هي من الصغائر أم من الكبائر، فإنْ علم أنها صغيرة هان عليه أمْرُها، فكل معصية تُعتبَر كبيرةً بالنِّسبة لمقام الله عزَّ وجل، كما قال المُحقِّقون من علماء الأخلاق. وعدم الاهتمام بالصَّغيرة هو الإصرار على عدم الإقلاع عنها، أو التَّوبة منها مع العزم على العود إليها. والله يقول في صفات المتقين الذين أعدَّ لهم الجنة ( والذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ، إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (سورة آل عمران : 135).