الإسلام دين عالمي ، نزل للناس كافة ، دون أن يفرق بين ذكر وأنثي ، أو بين أبيض وأسود من الناس ، فلم يكن الإسلام عنصريا في يوم من الأيام ، كما أنه يسمح بأن يعيش غير المسلمين على أرضه منعمين برحمته ، كما أنه أمر المسلمين بأن يؤمنوا بالديانات السماوية السابقة وكذلك بالرسل ، وهذا يجعله شاملاً وعالمياً .

يقول فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله :

الإسلام دين عالميٌّ، لم يُنزله الله ـ سبحانه ـ لقوم دون قوم، ولا لجنس دون جنس، بل أنزله صالحًا لكل زمان ومكان وإنسان، ولقد تكرَّرت كلمة ” العالمين ” في القرآن الكريم أكثر من سبعين مرة، وقال الله تعالى لنبيِّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( وما أرسلناكَ إلا رحمةً
للعالمينَ). (الأنبياء: 1.7) وقال أيضًا:(قُلْ يا أيُّها الناسُ إنِّي رسولُ اللهِ إليكمْ جميعًا). (الأعراف: 158).

وحين ننظر إلى الجماعة الإسلامية الأولى على عهد الرسول نجدها قد ضمَّتْ إلى جانب العرب أفرادًا من أجناس مختلفة، فكان هناك سلمانُ الفارسي، الذي كان مُستشارًا للنبيِّ في غزوة الخندق، وفيه قول الرسول: “سلمانُ مِنَّا أهلَ البيت”. وكان هناك بلال الحبشي، الذي كان المؤذن الأول في الإسلام، وكان خازنًا لبيت المال، وفيه جاء الحديث النبوي: “بلال أوَّلُ ثمار الحبشة”، وكان هناك صُهيب الرومي، الذي جاء فيه الحديث النبوي: “صهيب أول ثمار الروم..”إلخ.

ولعل مما يشير إلى الروح العالمية في الإسلام ما ذكره القرآن الكريم من وحدة الأصل الإنسان بقوله: (يا أيُّها الناسُ اتَّقوا ربَّكمُ الذي خلقَكمْ مِنْ نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زَوجَها وبَثَّ منهما رِجالاً كثيرًا ونساءً واتَّقُوا اللهَ الذى تَساءلونَ بهِ والأرحامَ إنَّ اللهَ كانَ عليكمْ رَقيبًا). (النساء: 1).

ومما يتصل بهذا الاتجاه العالمي أن الإسلام أمر أتباعه أن يؤمنوا بكل الأديان السماوية الإلهية السابقة كما جاءت من عند الله ـ تعالى ـ وأن يؤمنوا بجميع الأنبياء والرسل المبعوثين من عند الله ـ تعالى ـ وأكد القرآن الكريم هذا المعنى في أكثر من موضع، فقال في سورة البقرة: (آمنَ الرسولُ بما أُنزلَ إليهِ مِن ربِّهِ والمُؤمنونَ كلٌّ آمنَ باللهِ وملائكتهِ وكُتبهِ ورُسلِهِ لا نُفَرِّقُ بيْنَ أحدٍ مِنْ رُسلهِ وقالوا سَمِعْنَا وأطعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وإليكَ المَصِيرُ). (الآية: 285). وقال في سورة آل عمران: (قُلْ آمنَّا باللهِ وما أُنزلَ علينا وما أُنزلَ على إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويعقوبَ والأسباطِ وما أُوتِىَ موسى وعيسى والنَّبِيُّونَ مِنْ ربِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بينَ أحدٍ مِنْهُمْ ونحنُ لهُ مُسلمونَ).(الآية: 84).

ولم يمتنع الإسلام أن يعيش في مجتمعه مَن يَدينُ بغير الإسلام من أهل الأديان الأخرى، وسمَّاهم “أهل الكتاب” نسبة إلى الكتاب الإلهي الذي جاءهم من عند الله قبل الإسلام، كما سماهم “أهل الذِّمَّةِ”، أي الذين لهم ذمة الله وذمة رسوله أي لهم عهد وأمان عند المسلمين.
وهكذا نجد أن الإسلام دعوة إلهية عالمية، لا تقتصر على قوم دون قوم.