من المتفق عليه أنه يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب، وهذا ثابت لا خلاف حوله، وعن الأصناف التي تحرم بالرضاع كما تحرم بالنسب.
يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
من المسائل التي يَكْثُر السؤال عنها حقيقة المُحرَّمات بسبب الرَّضاع، ومَن تنشأ بينهم علاقة التحريم بالرَّضاع، وقد أشار القرآن الكريم إلى نوعين من النساء المُحَرَّمات بالرَّضاع وهما: الأم والأخت، فقال تعالى: (وأمهاتُكم اللاتي أرْضَعْنَكُم وأخواتُكم مِن الرَّضاعة.. ) عطفًا على (حُرِّمَتْ عليكم أمهاتُكم… ) وبَيَّنَتْ السُّنَّة المطهرة أن النساء اللاتي يَحْرُمن على الرجل من جهة النسب يَحْرُم مثلُهن من جهة الرَّضاع؛ ذلك لِما رُوِيَ عن عائشة أن النبي ـ ﷺ ـ قال: “يَحْرُم مَن الرَّضاعة ما يَحْرُم من النَّسَب” ومِن ثَمَّ فإن النساء اللاتي يَحْرُمن على الرجل من جهة النسب يَحْرُم مثلهن كذلك بسبب الرَّضاع .
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن لبن المُرْضِعة تَثْبُت به علاقة التحريم بين الرضيع وصاحب اللبن “زوج المُرْضِعة” وأصوله وفروعه وحواشيه من جهة، وبين صاحب اللبن والرضيع وفروعه من جهة أخرى .
وقد استدل هؤلاء بما رُوِيَ عن عائشة: “أنَّ أفْلَح ـ أخا أبي القعيس ظِئْر عائشة ـ جاء يستأذن عليها بعد أن نزلت آية الحجاب، فقالت: والله لا آذَن له حتى أسأل رسولَ الله ـ ﷺ ـ فإن أبا القعيس، ليس هو الذي أرضعني، إنما أرضعَتْني امرأتُه، فلما سألت رسول الله ـ ﷺ ـ قال لها: إنه عمُّك فليَلِجْ عليكِ” فهذا الحديث يدل على أن عَلاقة التحريم بسبب الرَّضاع تنشأ كذلك بين الرضيع وصاحب اللبن، بحيث تشمل هذا الأخير وأصولَه وفروعَه وحواشيَه .
كما ذهَب جمهور الفقهاء إلى أن النساء اللاتي يَحْرُمن بسبب المصاهرة يَحْرُم مثلهن كذلك من جهة الرَّضاع، وذلك لدخول تحريمهن في قوله ﷺ: “يَحْرُم من الرَّضاعة ما يَحْرُم من النسب” حيث أجرى رسول الله ـ ﷺ ـ الرَّضاعة مَجْرى النسب، وشَبَّهَها به، وكما يُوجَد هذا المعنى في الرَّضاعة والنسب يُوجَد كذلك في الرَّضاعة والصِّهر.
ولهذا فإن النساء اللاتي يَحْرُمن بسبب الرَّضاع ما يلي :
1 ـ الأم من الرَّضاع: وهي كل مَن أرْضَعَتْ، أو أرْضَعَتْ المُرْضِعة، أو أرْضَعَتْ صاحبَ اللبن، أو أرضعت الأبَ من النسب وإن علا، أو أرضعت الأمَ من النسب وإن عَلَتْ، أو وَلَدَتْ المُرْضِعة بواسطة كأم أم المرضعة، وأم أب المرضعة، وإن عَلَتْ أو وَلَدَتْها بلا واسطة كأم المرضعة من النسب، أو وَلَدَتْ صاحبَ اللبن بواسطة كأم أم صاحب اللبن، وأم أبيه وإن عَلَتْ، أو وَلَدَتْه بلا واسطة كأمه نسبًا .
2 ـ البنت من الرَّضاع:وهي كل مَن أرضعتها زوجةُ الرجل بلبنه، أو أرضعتها ابنته الصُّلْبية، أو ابنته الرَّضاعية مهما نزلت درجة البنت، أو أرضعتها زوجة ابنه الصُّلبي أو الرَّضاعي بلبنه مهما نزلت درجة الابن .
3 ـ الأخت من الرَّضاع:وهي كل مَن أرضعتْها أمه من الرَّضاع، أو ولدتْها، أو كانت بنتًا لصاحب اللبن من جهة النسب أو الرَّضاع، أو أرضعتْها أمه التي ولدته، أو أرضعتها زوجة أبيه .
4 ـ العَمَّة من الرَّضاع:وهي أخت صاحب اللبن سواء كانت شقيقة له، أو لأب، أو لأم، أو كانت أختًا من الرَّضاع للأب من النسب .
5 ـ الخالة من الرَّضاع:وهي أخت المرضعة، سواء كانت شقيقة لها، أو لأب، أو لأم، أو كانت أختًا من الرَّضاع للأم من النسب .
6 ـ بنت الأخ من الرَّضاع:وهي كل بنت ولدها أخ الرجل من الرَّضاع، أو أرضعتْها زوجة أخيه من الرَّضاع، أو النسَب بلبنه، وإن نزلت هذه البنت .
7 ـ بنت الأخت من الرَّضاع:وهي كل بنت ولدتْها أخت الرجل من الرَّضاع، أو أرضعتْها أختُه من الرَّضاع، أو أرضعتُها أخته من النسب، وإن نزلت هذه البنت .
8 ـ منكوحة الأب من الرَّضاع:وهي كل امرأة عَقَدَ عليها صاحب اللبَن، أو أبوه وإن علا، أو عقد عليها أب المرضعة وإن علا، سواء دخل بها الأب أو لم يدخل بها .
9 ـ حليلة الابن من الرَّضاع:وهي كل امرأة عَقَدَ عليها ابنه من الرَّضاع، أو ابن ابنه هذا، وإن نزل، وكذلك حليلة ابن بنته من الرَّضاع، أو حليلة الابن الرَّضاعي لابنه الصُّلْبي أو ابنته الصُّلْبية مهما نزل هذا الابن .
10 ـ أم الزوجة من الرَّضاع :وهي كل امرأة أرضعت زوجتَه، وجَدَّتُها من الرَّضاع، سواء كانت أم الأم، أو أم الأب، وإن عَلَتْ درجتهن، فتَحْرُم أم الزوجة من الرَّضاع بمجرد العقد على ابنتها من جهة الرَّضاع .
11 ـ بنت الزوجة من الرَّضاع:وهي كل مَن أرضعتها زوجة الرجل بلبن غيره أو أرضعت مَن أرضعها، أو ولدتْه، مهما نزلت هذه البنت، فتَحْرُم على زوج أمها من جهة الرَّضاع إذا دخل بالأم .