الأصل في الأذان أنه جعل للإعلام بدخول الوقت، فلابد أن يدخل الوقت ثم يؤذن المؤذن، فلا يجزيء الأذان قبل الوقت، لأنه يخل بالمقصود منه، والإعلام بدخوله، إلا في صلاة الفجر خاصة، فإنه يجزيء الأذان لها قبل دخول وقتها كما كان يفعل بلال مؤذن الرسول ﷺ، وفي ذلك قال النبي ﷺ:
” إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ” أباح لهم بعد أذان بلال أن يأكلوا ويشربوا ويتسحروا للصيام حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان هو يؤذن عند دخول الوقت، وهذا حديث متفق عليه .
ولأن وقت الفجر بالذات وقت النوم، والناس رقود، يحتاجون إلى التأذين قبل الوقت، ليتسحر الصائم ويتنبه النائم، ويتأهب للصلاة، بخلاف سائر الصلوات، فالناس أيقاظ متنبهون .
ولا يؤذن قبل الوقت إلا مؤذن يتخذ ذلك عادة، ويعرف أهل الحي أو أهل القرية صوته، فلا يغر الناس، ولا يضللهم، ويكون معه مؤذن آخر، يؤذن في الوقت، كما كان يفعل بلال وابن أم مكتوم، فالناس إذا سمعوا بلالاً عرفوا أنه يؤذن قبل الوقت، ليتنبه النائم، ويتسحر الصائم، وإذا سمعوا ابن أم مكتوم عرفوا أنه قد دخل وقت الفجر فحلّ عند ذلك صلاة السنة ثم صلاة الفريضة، وهكذا …
كما أن السنة في الأذان الأول أن يخلو من فقرة (الصلاة خير من النوم) وهذا تمييز مهم للأذان الأول عن الثاني، فالأذان بهذه الصيغة مشروع في الفجر، إذا كان هناك من يعرف الناس صوته، وكان هناك مؤذن آخر يؤذن لصلاة الفجر.
بهذه القيود أجاز العلماء الأذان الأول قبل دخول وقت الفجر.