إذا وصف الله سبحانه وتعالى نفسه في القرآن الكريم لم يأت هذا الوصف دائمًا مقرونا بلفظ ” كان ” فكثيرًا ما يأتي الوصف بدون ذلك .
قال تعالى: ( إنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَئٍ قَدِيرٌ ) ( سورة البقرة : 109 )
وقال تعالى:( إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِين ) ( سورة البقرة : 222 )
وقال تعالى:( واسْتَغْفِرُوا اللهَ إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( سورة المزمل : 20 ) .
وفي بعض الآيات يأتي الوصف مع لفظ “كان”:
كقوله تعالى: ( وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) (سورة الأحزاب : 59 )
وقوله تعالى: ( وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَئٍ عَلِيمًا ) ( سورة الفتح : 26 )
وقوله تعالى: ( وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ) ( سورة النساء : 134 ) .
وليس المراد بذلك أن الله ـ سبحانه ـ كان مُتصفًا بالمغفرة والرحمة والعلم والسمع والبصر في زمن مضى، ثم زالت عنه هذه الصفات في الزمن الحاضر ولا يتصف بها في المستقبل؛ ذلك لأن تقسيم الزمن إلى ماضٍ وحاضر ومستقبل هو بالنسبة لنا نحن، حين نتحدَّث ونحدد ما يقع من أحداث قبل زمن الحديث عنها أو في أثناء الحديث أو بعده أما الله ـ سبحانه ـ فهو مُنَزه عن الزمان . وما كان مخلوقًا لا يتحكَّم فيمَن خَلَقَه .
وكأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ حين يقرِن صفاته بلفظ ” كان ” يبيِّن لنا أنه موصوف بذلك قبل أن يخبرنا، بل قبل أن يخلقنا، فهى صفات أصيلة فيه وجبت له لذاته لا لعلة أوجدتها فيه . فقد كان الله بصفاته ولا شئ معه . وقد نبَّه المفسرون على ذلك، فجاء مثلاً في تفسير الجلالين لقوله تعالى في أول سورة النساء ( إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) قوله : أي لم يزل مُتصفًا بذلك . وقال الجمل في الحاشية : نبَّه به على أن ” كان قد اسْتُعْمِلَت هنا في الدوام، لقيام الدليل القاطع على ذلك .