اهتم الإسلام بالفقراء، وأوجب لهم حقا من مال الغني، ورعاهم بالصدقة، فإن احتاج الفقير شيئا، فعلى من يريد الحج للمرة الثانية أن يوازن بين إعطاء الفقير والحج بحسب أولوياته، وإعطاء الفقير أولى.
يقول فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي:
فلا شك أن التصدق بمبلغ ما ينفق في الحج نافلة في سبيل الله هو أفضل وأولى بل أراه في بعض الأحيان واجبًًا وفريضة، فإن إطعام الجائعين ومعالجة المرضى وإغاثة الملهوفين وإيواء المشردين.. هذه كلها فرائض إسلامية، فهي مقدمة على نافلة الحج، وقد قرَّر علماؤنا أن الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة، وقالوا: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور.
ولهذا.. أنصح كل مسلم يريد أن يحج تطوعًا الحجة الثانية أو السابعة أو العاشرة أو العشرين أو أكثر من ذلك أو أقل من حج التطوع .. أنصحه أن يدفع المبالغ التي رصدها للحج في هذه المصارف المذكورة أداء للواجب ومعونة للإخوة المسلمين، ومساعدة أيضا في تيسير الحج على الآخرين، وتخفيف الزحام على الآخرين، وإنما لكل امرئ ما نوى .أ.هـ
ويقول الأستاذ الدكتور عجيل النشمي أستاذ الشريعة بالكويت:
مادام الحج إلى نافلة، فالأفضل أن ينظر في أولويات الحاجات والضروريات، فإن كان قادراً على الحج والإنفاق، فالجمع بين الأمرين هو الأفضل، وإن لم يكن فالإنفاق أولى إذا كان فيه قضاء دين مضطر حل دينه أو فقير يوسع على عياله وما إلى ذلك، وله في ذلك الأجر العظيم عند الله تعالى وهو حسب نيته، وإنما الأعمال بالنيات.
ويروى في ذلك ما قاله أبو النصر التمار: أن رجلاً جاء يودع بشر بن الحارث وقال: قد عزمت على الحج فتأمرني بشيء؟ فقال له: كم أعددت للنفقة؟ فقال: ألفي درهم، قال بشر: فأي شيء تبتغي بحجك تزهداً أو اشتياقاً إلى البيت، أو ابتغاء مرضاة الله تعالى؟ قال: ابتغاء مرضاة الله، قال: فإن أصبت مرضاة الله تعالى وأنت في منزلك وتنفق ألفي درهم، وتكون على يقين من مرضاة الله تعالى، أتفعل ذلك؟ قال: نعم: قال: اذهب فأعطها عشر أنفس: مديوناً يقضي دينه، وفقيراً يرم شعثه، ومعيلاً يغني عياله، ومربياً يتيماً يفرحه، وإن قوي قلبك تعطيها واحداً فافعل، فإن إدخالك السرور على قلب المسلم، وإغاثة اللهفان وكشف الضر، وإعانة الضعيف أفضل من مائة حجة بعد حجة الإسلام، قم فأخرجها كما أمرناك (إحياء علوم الدين للإمام الغزالي).أ.هـ