وردت نصوص في الكتاب والسُّنّة تثبت أن لله عينًا ويدًا ورجلاً، مثل قوله تعالى: (ولِتُصنَعَ عَلَى عَيْنِي) [ سورة طه : 39 ] وقوله: ( يدُ الله فَوْقَ أيديهِمْ ) [ سورة الفتح : 10 ] وقوله ـ صلّى الله عليه وسلم ـ فيما رواه البخاري ومسلم ” لا تزالُ جهنم يُلقى فيها وتقول : هل من مَزيد. حتى يضع ربُّ العزة فيها قدمَه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول : قط قط “.
وقوله: ” الحجر الأسود يَمين الله تعالى في الأرض يُصافح بها من شاءَ مِن خلقِه ” رواه الطبراني وابن خزيمة في صحيحه، وقوله: ” رأيت ربِّي في أحسن صورة ووضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامِله بين ثندوتي ” أي ثديي رواه الطبراني والترمذي وقال: حسن غريب.
وقوله في الحديث القدسي عن الله سبحانه: ” ومن أتاني يَمشي أتيته هرولة” رواه البخاري.
والعلماء إزاء هذه النصوص فريقان، مع اتفاقهم على أن الله سبحانه ليس كمثله شيء، فريق يُطلَق عليه اسم السلف وفريق يُطلَق عليه اسم الخلف.
والسلف يؤمنون بدَلالة هذه الألفاظ على معانيها الحقيقية الموضوعة لها في اللغة العربية، فيثبتون لله عينًا ويدًا ورجلاً ولكنها ليست كأعيننا وأيدينا وأرجلنا لاستحالة التشابه بينه وبين المخلوقات.
والخلف يؤوِّلون هذه الألفاظ التي جاءت على أصول اللغة العربية بما فيها من حقيقة ومجاز، فيريدون بالعيون لازمَها وهو العناية والعلم، وباليد لازمها وهو القُدرة والإنعام، وبالرجل والقدم القدرة والسُّرعة وزيادة الفضل والكرم.
وهذه الألفاظ من المتشابِه الذي نزل به القرآن وقال عنه:( ومَا يَعلمُ تأويلَه إلا اللهُ والرّاسِخونَ فِي العِلمِ يَقولونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) [سورة آل عمران:7] فالسلف يقفون على(اللهُ) والخلف يصِلون ولا يقفون: أي يعطفون (والرّاسِخونَ) على لفظ (اللهُ) أما السلف فيجعلون الواو للاستئناف لا للعطف.
والواجب على كل مسلم أن يعلم أن كل ما يخطر بباله من أسماء الله وصفاته وأفعاله ، التي أثبتها لنفسه في كتابه ، وأثبتها له رسوله فهي حق ، ويجب اعتقاده ، والله سبحانه وتعالى هو بذلك الوصف الذي أخبرنا به في كتابه ، وأخبرنا عنه رسوله ﷺ .
وما يخطر ببال المسلم من تشبيه ، أو تمثيل ، أو تكييف لشيء من ذلك ، أو اعتقاد فيه غير ما ثبت في كتاب الله ، وسنة نبيه ﷺ، فهو من الباطل الذي يجب الكف عنه ، وقطع الوهم والظن عن بابه، قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .