اختلف الفقهاء في أقل مدة للحيض ما بين دفقة الدم وسبعة عشر يوما ، والمرجع في تحديد ذلك يكون لأوصاف الدم – كأن يكون أسود أو أحمر أو بني اللون – والأطباء الثقات .
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
اختلف الفقهاء في أقل الحيض وأكثره، فقيل: أقله يوم، وقيل: يوم وليلة. وقيل: ثلاثة أيام، وقيل: أكثره عشرة أيام، وقيل: خمسة عشر يوما، وأكثر ما قيل: سبعة عشر يوما.
والحق ما قاله الشوكاني من أنه لم يأت في تقدير أقل الحيض وأكثره ما يصلح للتمسك به. بل جميع الوارد في ذلك: إما موضوع، أو ضعيف …، والذي ثبت: أنه ﷺ قال: “تمكث إحداكن الليالي ذوات العدد لا تصلي” وغاية ما ثبت في ذلك العدد: ما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه ـ وقال الترمذي: حسن صحيح، ونقل عن أحمد والبخاري: أنهما صححاه، وكذلك نقل ابن المنذر عنهما ـ من حديث حمنة بنت جحش، قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت النبي ﷺ… الحديث، وفيه: “إنما هي ركضة من الشيطان، فتحيّضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، كما تحيض النساء”. فلو قيل: إن أكثر الحيض سبعة أيام، لكان لذلك وجه.
ومعنى هذا: أن الحيض قد يكون مجرد دفقة أو دفقات ثم يتوقف، كما هو مذهب مالك، كما لا حد لأكثره.
والحديث الذي ذكره الشوكاني (اعتبار أكثره سبعة أيام) ليس قاطع الدلالة على أكثر الحيض، بل يدل على الغالب، بدليل أنه يوجد أكثر من ذلك، والواقع لا يكذّب.
كل ما ورد من ذلك أقوال عن التابعين، عارض بعضها بعضا، ولا حجة في قول أحد دون رسول الله ﷺ، وقد ذهب بعضهم إلى أن المرأة يمكن أن تحيض في شهر واحد ثلاث مرات!!
وقد سئل ابن سيرين عن المرأة، ترى الدم بعد قرئها بخمسة أيام؟ قال: النساء أعلم بذلك.
ومعنى هذا: أن يرجع في ذلك إلى الاستقراء، مع الاستعانة بما يقوله الأساتذة المتخصصون في أمراض النساء في ذلك، فقد قال تعالى: (ولا ينبئك مثل خبير) فاطر ، وقال: (فاسأل به خبيرا) الفرقان، وهذا علم لا يعرفه الفقهاء، إنما يعرفه الأطباء، فهم خبراؤه، وأهل العلم به والخبرة فيه، فيرجع إليهم.